دولة المرابطين ( جـ 12 )

دولة المرابطين :
ــــــــــــــــــــــــــ

الجزء الثانى عشر :
ــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأحداث اللى تم سردها فى أخر جزءين حصلت على مدار سنين و خلال السنين دى كانت فى مواجهات عسكرية كتير بين المرابطين و الموحدين .. أقرب التواريخ دقة بتقول إن محمد بن تومرت رجع من رحلته سنة 514 هجرياً و أول المواجهات العسكرية حصلت فى شعبان 516 هجرياً يعنى تقريباً سنتين بيحاول فيهم ابن تومرت نشر دعوته و تجميع أتباع مخلصين للفكرة و الحقيقة الراجل منجحش أوى فى ده لإن عدد جيشه فى المواجهة الأولى مكانش كبير لدرجة إن على بن يوسف بن تاشفين أمير المرابطين مجهزش جيش مخصوص ليهم و بعتلهم جيش صغير تحت قيادة والى بلاد السوس .. أه هي كانت قوات أكبر بكتير من أتباع ابن تومرت و لكنها فى النهاية مكانتش جيش بمعنى الجيش ..

المعركة حصلت قرب جبل إسمه جبل إيجليز غرب مراكش و ده المكان اللى كان بيحتمى فيه ابن تومرت .. العيون رصدت تحركات المرابطين فأمر ابن تومرت جيشه بالتوغل فى المنطقة الجبلية و زى ما قلنا أتباع ابن تومرت من قبائل المصامدة اللى أغلب معيشتها فى الجبال على عكس جيش المرابطين اللى كان من لمتونة و أغلب حياته قضوها فى الصحراء .. طبيعة أرض المعركة إدت الأفضلية للموحدين و بالفعل المعركة إنتهت لصالحهم و انهزم المرابطين فى أول مواجهة بين الطرفين و ده ساهم فى إنتشار دعوة الموحدين جداً و بدأت الناس تؤمن بجدوى تحركاتهم ..

ـــــ

الهزيمة دى مثلت مفاجأة لعلى بن يوسف أمير المرابطين لإن صورة المرابطين بالشكل ده هتتهز و الناس هتبتدى تخرج عن الطاعة فكان لازم رد سريع يبين للناس مين المسيطر على الأرض .. على طول جهز جيش تانى عدده أكبر و تجهيزه أعلى لكنه إتهزم هو كمان فجهز بعده جيش تالت أقوى و أكبر و لكن إتهزم هو كمان .. إنتوا متخيلين الوضع وقتها .. 3 هزايم ورا بعض فى فترة قصيرة خلت سمعة الموحدين فى السماء .. ثقة مفرطة فى نفسهم و تراجع معنوى كبير للمرابطين .. ابن تومرت حب يستغل عامل التفوق النفسى ده فأرسل رسالة للمرابطين قالهم فيها :


( إلى القوم الذين استزلهم الشيطان و غضب عليهم الرحمن .. الفئة الباغية و الشرذمة الطاغية لمتونة .. أما بعد .. قد أمرناكم بما نأمر به أنفسنا من تقوى الله العظيم و لزوم طاعته .. و أن الدنيا مخلوقة للفناء و الجنة لمن اتقى و العذاب لمن عصى .. و قد وجبت لنا عليكم حقوق بوجوب السنة فإن أديتموها كنتم فى عافية و إلا فنستعين بالله على قتالكم حتى نمحو آثاركم و نكدر دياركم .. و يرجع العامر خالياً و الجديد بالياً .. و كتابنا هذا إليكم إعذار و إنذار و قد أعذر من أنذر .. و السلام عليكم سلام السنة لا سلام الرضى )

المرابطين طبعاً مستجابوش للرسالة و استمرت المعارك بينهم .. خلال سنتين بالظبط الموحدين دخلوا 9 معارك قدام المرابطين انتصروا فى سبعة و خسروا اتنين و بقى واضح إن نجم الموحدين بيسطع و دولة المرابطين بتهتز .. ليه بنقول سنتين بس و مش بنكمل ؟ .. لإن فى سنة 518 هجرياً محمد ابن تومرت هيسيب جبل إيجليز و يروح لمدينة تينمل و هناك هيبتدى فى تنفيذ خطته بإدعاء العصمة و المهدية اللى إتكلمنا عليها فى الجزء اللى فات ..

ـــــ

بداية من سنة 520 هجرياً بدأ ابن تومرت فى توسيع عملياته ضد المرابطين و بعد ما كان الموحدين عادة فى موقف الدفاع بدأوا يتبنوا موقف الهجوم فخرجوا تجاه مدن زى ( كيك ) و ( أغمات ) و كانت المعارك غالباً بتنتهى بهزيمة المرابطين اللى مبيلاقوش فرصة للهجوم على مقر الموحدين في تينمل فبيضطروا يحاصروها و لكن حصارهم بيفشل بسبب إن المدينة كانت حصينة جداً و أرضها خصبة و بالتالى توفر للموحدين مؤن كافية و استمر الوضع على كده لمدة 3 سنين تقريباً ..

في أواخر سنة 523 هجرياً الموحدين كانوا وصلوا لأقصى درجات الإنتشار .. عددهم زاد جداً و الغنائم اللى خدوها من المرابطين زادتهم قوة و بدأ ابن تومرت يفكر فى غزو مراكش عاصمة المرابطين .. لو قدر يدخل المدينة يبقى كده كسر شوكة المرابطين و أسس دولته فعلياً .. الموحدين وقتها جيشهم كان يقدر ب 40 ألف جندي و فارس و كان بينهم و بين مراكش حوالى 100 كيلو متر .. خلال ال 100 كيلو دول حصلت أكتر من مواجهة مع المرابطين بحكم إن ده دفاع عن العاصمة زى ما قلنا و لكن الغريب إن كل المعارك اللى حصلت وقتها إنتهت كلها بإنتصار الموحدين .. حاجة عجيبة جداً .. إحنا بنتكلم عن 4 معارك تعتبر مصيرية فى الدفاع عن الدولة إنتهت كلها لصالح الموحدين .. الدولة العظيمة اللى أسسها يوسف بن تاشفين بدأت تظهر عليها علامات الضعف و التراجع .. أول معركة كانت فى مدينة كيك .. الثانية كانت فى الجروبة .. الثالثة كانت فى أغمات .. الرابعة كانت فى سهول مراكش .. بعدها تراجع المرابطين و دخلوا المدينة عشان يحتموا بأسوارها و فى المقابل عسكر الموحدين قدام بابين من أبواب المدينة .. باب الدباغين و باب إيلان .. حصار جزئى لمدة شهر و نصر تقريباً على ما التعزيزات وصلت لمراكش ..

ـــــ

التعزيزات اللى جث رفعت عدد جيش المرابطين ل 100 جندى و ده كان أكبر عدد لجيش من جيوش المرابطين من بداية الدولة تقريباً .. فى المقابل جيش الموحدين اللى بدأ ب 40 ألف تراجع عدده و وصل لحدود 35 ألف بسبب الخسائر البشرية فى المعارك اللى حصلت .. دى كانت الظروف المحيطة بمعركة البحيرة .. أكبر معركة حصلت بين الطرفين خلال تاريخ مواجهتهم ..

البحيرة كانت معركة مختلفة خالص عن كل اللى سبقها .. المرابطين كانوا داخلين المعركة دى بغرض الإنتقام .. كبريائهم كان إتأثر جداً فى عيون الناس و هزايمهم الى وصلت لأربعين معركة قدام الموحدين خلت شكلهم وحش جداً .. فى المقابل الموحدين كانوا وصلوا لمرحلة متقدمة من الإطمئنان خاصة بعد كمية الإنتصارات المتتالية على مدار سنين .. كمان مننساش التفوق العددى للمرابطين خاصة إن أكثر من نص الجيش كان لسه واصل لمراكش و مكانش شارك فى أى معركة و بالتالى بدنياً كانوا أجهز .. بإختصار عوامل التفوق كلها كانت فى صف المرابطين ..

بدأ اليوم بمعركة صغيرة بين جيش مرابطى صغير مكون من جيش مدينة سجلماسة و معاهم جيش مقاطعة كتالونيا اللى كان تحت قيادة أميرهم ريفيرتر الأول اللى كان حليف للمرابطين و انتهت المعركة دى بإنتصار المرابطين .. بعدها مباشرة بدأت المعركة الكبرى .. خلال ساعات كانت النتيجة واضحة جداً على الأرض .. المرابطين إنتصروا إنتصار كاسح .. بعض المصادر قالت إن كل اللى قدر يهرب من الموحدين حوالى 400 فارس و جندى و لكن ده فيه مبالغة كالمعتاد من الروايات التاريخية .. الأوقع إن فلول الموحدين وصلت ل 15000 جندى و دول تراجعوا ناحية مدينة أغمات .. أما بخصوص الإفناء اللى تعرضله الموحدين فكان حقيقى بالمناسبة لإن المرابطين تتبعوا فلول الموحدين و حصلت بينهم معركة تالتة فى أغمات تمكنوا وقتها من قتل حوالى 12000 جندي و الباقيين هربوا لمدينة تينمل ..

الهزيمة كانت كاسحة بجد و الموحدين خسروا فيها عدد مش قليل من وجهاءهم .. خسروا 4 من طبقة العشرة اللى هما أقرب ناس لمحمد بن تومرت .. خسروا أبو عبد الله الونشريشى اللى هو البشير اللى صنف الناس لأهل جنة و أهل نار قبل المعركة .. أصيب عبد المؤمن بن على فى فخذه و اتقتل غيرهم كتير من صفوة الموحدين .. محمد بن تومرت فى الوقت ده كان مريض و لما وصلته أخبار الهزيمة سأل عن عبد المؤمن بن على فقالوله إنه عايش و لكن مصاب فقالهم :

( الحمد لله .. قد بقى أمركم ما دام فيكم عبد المؤمن )

ابن تومرت إتوفى بعد المعركة بحوالى 4 شهور و اتسلم من بعده الراية عبد المؤمن بن على و للأمانة الراجل ده هيكون ليه الدور الأكبر فى إسقاط دولة المرابطين بسبب حسن إدارته للموحدين بعد الهزيمة على المستوى النفسى و العسكرى ..

ـــــ

عبد المؤمن قعد حوالى سنة و نص يلملم الجراح و يعالج الصدع اللى حصل بوفاة ابن تومرت و كمان بسبب هزيمة البحيرة .. سنة و نص على ما قدر إنه يكون جيش تانى قوامه 30 ألف جندى خرج بيهم لأول مرة من تينمل سنة 526 هجرياً لحد ما وصل لقلعة ( تازاجورت ) و اقتحمها و قتل آلاف من أهلها بعدها غزا مدينة ( درعة ) و استولى على أموالها و رجع تانى على تينمل فى رسالة شديدة اللهجة للمرابطين مفادها إن الموحدين لازالوا موجودين و إن الحرب بينهم مستمرة ..

نقدر نقسم الحرب بين الطرفين قسمين .. القسم الأول إستمر لمدة 10 سنين و انحصر فى المنطقة الجبلية جنوب مراكش .. و القسم التانى توغل فيه الموحدين لمدن وسط و شمال المغرب .. فى القسم الأول غلب على المعارك أسلوب الكر و الفر و حروب عصابات حتى لو عدد الجيش كبير .. معارك بيخرج فيها الموحدين يغزوا كام قرية أو مدينة و بعدين يرجعوا لتينمل مرة تانية يقوم المرابطين باعتين قوات و محصنين قدر المستطاع و هكذا .. لكن إجمالاً كانت مساحة الأرض اللى تحت سيطرة الموحدين بتزيد و بقوا هما الطرف المهاجم دايماً في الوقت اللى إتحول فيه المرابطين للدفاع ..

الحلقة كل يوم بتضيق على المرابطين ..

سقوط مراكش بقى مسألة وقت مش أكتر ..

ـــــ

لقراءة الموضوع على التطبيق الخاص بالكاتب على جوجل بلاى‎ :

https://play.google.com/store/apps/details?id=com.amkamel.arabyhost

‏ ‏‎

لقراءة الموضوع على التطبيق الخاص بالكاتب على آب ستور‎ : https://itunes.apple.com/app/id1432249734

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ