خواطر عن برنامج الإصلاح الإقتصادى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* لما بتحصل أزمة إقتصادية فى أى دولة بيكون فى وسائل للسيطرة عليها و تعديل أوضاعها زى إن الدولة تتبنى سياسات توسعية أو سياسات إنكماشية .. يعنى نزود الإنفاق العام و ندعم الإستهلاك فى حالات الإنكماش أو نزود الفايدة و الضرائب مثلاً فى حالات التضخم .. ده بيحصل فى حالة الأزمات العادية .. يعنى شوية تباطوء .. مصاعب .. أى حاجة المسمى بتاعها بيكون خفيف كده و مقبول .. اللى حصل عندنا فى مصر كان أكبر من كده بكتير ..
* عشان نكون صرحاء مع بعض اللى حصل فى مصر يعتبر إنهيار إقتصادى بالمعنى الحرفى للكلمة .. إحنا بنتكلم عن دولة كانت قربت جداً من إعلان الإفلاس و بالتالى كان لازم حل ..
ـــــــــــــ
* ليه أنا بكتب الكلام ده ؟
– لإن فى أساتذة أفاضل بيعملولى مينشن على بوستات لأساتذة أفاضل تانيين بيقولوا إن الإجراءات التقشفية الحالية هى أعظم إنجاز فى الوجود و العكس صحيح فى ناس بتعملى مينشن فى بوستات بتقول إن إحنا رايحين فى داهية رسمياً و أنا الحقيقة مبرضاش أعلق هناك إحتراماً لرأى صاحب البوست و توجهه فكان لازم توضيح عشان الناس تعرف وجهة نظرى اللى كتر خيرهم الحقيقة إنهم مقتنعين بيها ..
* نرجع لموضوعنا .. حصل عندنا إنهيار إقتصادى أسبابه تاريخية من أيام حسنى مبارك و إستمراره فى فترة الثورة و ما بعدها إلى يومنا الحالى .. ده هيجرنا لشوية أسئلة تانيبن :
ـــــــــــــــ
* هل الأخطاء دى تكررت فى كل الفترات دى ؟
أه .. من أيام مبارك و لحد سنة فاتت تقريباً كان فى إهدار إما لفساد أو لمراعاة بنود العدالة الإجتماعية أو للرضوخ لمطالب فئوية أو للدخول فى مشروعات عملاقة عائدها طويل الأجل و غير مناسبة لظروف بلد كانت على حافة الهاوية زى بلدنا ..
ــــــــــــــ
* هل الإجراءات التقشفية دى هتجيب نتيجة ؟
الموضوع أكبر من كده بكتير ..
يعنى لو هتسألنى عن ضرورة تطبيق الإجراءات دى فأكيد هقولك بالطبع ضرورى و من غيرها كنا هنروح فى داهية .. و لو هتسألنى عن جدواها فأكيد هقولك إن جدواها الإقتصادية ممتازة و إنها متوقع تعدل كتير من السلبيات اللى حصلت السنين اللى فاتت .. شخصياً إعتراضى مش على برنامج الإصلاح الإقتصادى قد ما أنا معترض على طريقة تطبيقه ..
ـــــــــــــ
* إزاى إذا كنت بتقول إن الإجراءات سليمة ؟!!
عندى إعتراضين على طريقة التطبيق :
1 – الإهتمام بتقليل الإنفاق دون الإهتمام بزيادة الإيراد :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أى موازنة عامة لأى دولة ليها جانبين .. جانب الإيراد و جانب الإنفاق و كل إجراءاتنا التقشفية دى بتصب فى خانة تقليل الإنفاق و ده كويس .. لكن فين جانب الإيراد ؟ مينفعش أهتم جداً بتقليل اللى بصرفه من غير ما أهتم بالدخل اللى جايلى .. فين دعم التصدير .. فين الإستثمار الأجنبى المباشر .. فين دعم المستثمر المحلى .. فين تشغيل المصانع المتوقفة .. فين بيع مشروعات القطاع العام ( الخسرانة ) .. فين الإهتمام بالزراعة .. فين الإهتمام بالسياحة .. فين تنويع مصادر دخلنا من نشاطات تانية زى قطاع الخدمات .. ليه قطاعات زى المصارف و شركات التأمين متديش إمتيازات معينة للمستثمرين الأجانب بحيث تكون عامل جذب و ميزة نوعية عن قرنائها فى الدول المجاورة .. فين مشروع تنمية محور قناة السويس و اللى كان أولى 1000 مرة من حفر التفريعة و كان هيبقى أثره المادى أسرع بكتير من دلوقت .. من الأخر مينفعش أهتم بتقليل الإنفاق و أسكت لإن الجانب ده له حدود و هييجى علينا وقت مش هنلاقى حاجة تانى نخفضها ..
ـــــــــــــ
2 – ضغط الوقت فى تطبيق الإجراءات :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
– الفكرة هنا هو ليه أطبق الإجراءات دى بالقسوة دى فى الوقت الضيق ده .. جايز حد يقولى ده عشان الوضع كان وصل لمرحلة سيئة جداً زى ما انت قلت و كنا مجبورين على كده و هنا هرد عليه و أقوله بص على البند الأولانى اللى أنا لسه كاتبه حالاً ..
– ليه أضيق على الناس بالشكل ده فى حين إنى لو إهتميت بتنويع إستثماراتى و تهيئة الأرض للمستثمرين ( بجد ) كان هيبقى عندى إيراد يمكننى من تطبيق البرنامج بتاعى فى فترة أطول بدون ما الناس تحس بالضغوط دى .. لو ده كان حصل كان ممكن جداً نطبق برنامجنا براحتنا و بأسلوبنا بدون اللجوء للقروض و اللى رفعت ديوننا لحدود 74 مليار دولار نهاية مارس 2017 حسب تقرير البنك المركزى و ده معناه إننا لسه مضفناش القروض اللى خدناها فى الأربع شهور اللى بعد مارس ..
ــــــــــــــ
* طيب إيه توقعك خلال السنين الجاية ؟
– توقعى الشخصى ( و اللى ممكن أكون مخطىء فيه ) إن وضعنا الإقتصادى هيتحسن على مستوى الأرقام و ده قلته أكتر من مرة .. أرقام زى عجز الموازنة و عجز الميزان التجارى و عجز ميزان المدفوعات هتبقى أفضل بالتأكيد و ده راجع للإجراءات اللى إتاخدت من فترة و اللى من أهدافها تقليل الطلب على الدولار و تقليل الإستيراد و زيادة الصادرات .. المشكلة الكبيرة يا جماعة هى إحساس الناس بالتغير ده .. يعنى أى تحسن على مستوى الأرقام لا يقابله تحسن فعلى فى مستوى الناس المعيشى هيخلى شريحة كبيرة جداً لا تؤمن بجدوى الإصلاحات دى من الأساس ..
– المهم فى الموضوع إن التحسن ده عشان يحصل لازمله برضه شروط و أتمنى إنها تتحقق .. يعنى مثلاً لما وزارة المالية تقدم مشروع موازنة العام الجاى و تتوقع فيه إنخفاض عجز الموازنة فهى بتتوقع كده بناءاً على إفتراضها إن الناتج المحلى الإجمالى هيزيد .. طب هل إحنا عملنا حاجة عشان يزيد ؟!!
ـــــــــــــ
* طب طالما انت شايف تحسن على مستوى الأرقام يبقى خايف من إيه ؟!
أنا بطبعى خواف .. متشكك .. أحب كل حاجة تطلع بشكل مثالى قبل ما أفرح بيها و إجمالاً ممكن أعدد مخاوفى فى النقط دى :
– خايف زى ما قلت إننا مندعمش الإنتاج بالشكل الكافى فبالتالى ناتجنا المحلى الإجمالى ميزيدش زى ما الحكومة بتتوقع و بالتالى النتائج تختلف هى كمان ..
– خايف من مستوى الدين الداخلى و اللى فاتورته بتزيد مع كل زيادة فى سعر الفايدة ..
– خايف جداً من مستوى الدين الخارجى اللى بيزيد بشكل سريع و مستمر و خوفى راجع برضه لعدم قدرتنا على الإنتاج و بالتالى قدرتنا على السداد لاحقاً .. دائرة الدين – بالذات الخارجى – هى أكتر حاجة راعبانى فى كل اللى بيحصل ده ..
– خايف من الزيادة السكانية اللى بتفرض علينا فاتورة جديدة للإهتمام بالشعب من صحة و تعليم و بنية تحتية و إحنا بنخفض أساساً البنود دى فى خطتنا الحالية ..
– خايف من عدم شعور الناس بالعدالة و إن التقشف ده مقصود بيه محدودى الدخل بس و إن فى فئات من المجتمع لا تتقشف من الأساس و لا تعرف عنه حاجة ( الحد الأدنى و الأقصى للأجور ) و بالتالى يتحول الأمر لعدم قناعة بجدوى الإصلاحات و ده هيتبعه ضعف إنتاجية .. ده بيحصل بصورة تلقائية بعيداً عن التعمد فى الإهمال فى العمل .. الفطرة البشرية مجبولة على العدالة و أى إختلال فى ميزان العدالة هيصيب أى حد بالفتور و عدم الإهتمام ..
ــــــــــــــــ
* برضه مفهمتش و عاوز إجابة واضحة و مباشرة .. إحنا هنتحسن و لا لأ ؟
هيبقى فى ثبات فى مستوانا الإقتصادى فلا احنا هننهار إقتصادياً و لا هنتقدم بالشكل اللى بعض الناس متخيلاه .. إحنا عشان نوصل لمستوى إقتصادى جيد و يكون فى مؤشرات طموحة لمستقبل الإقتصاد المصرى عايزين نشتغل و ننتج و نزرع و نطور و نهيىء المناخ الإستثمارى و نعدل السلبيات اللى فاتت لمدة لا تقل عن 20 سنة .. اه و الله زى ما بقولكم كده .. 20 سنة شغل و مجهود و تعب و إخلاص عشان نبتدى نقول إن مصر ماشية على خطى ماليزيا و سنغافورة و كل الدول اللى تعبوا قبلنا .. أى كلام عن إن سنتين ثلاثة و نبقى نمر أفريقى على غرار النمور الآسيوية يبقى كلام مضلل غرضه التلميع و الدعاية لا أكثر .. زى ما قلت ده توقع شخصى و قد أكون مخطىء فيه لكن المنطق و تجارب الدول اللى سبقتنا بتقول كده ..
ـــــــــــــ
أخيراً :
ــــــــــــ
– يا جماعة عشان نبقى فاهمين و محدش فينا ينخدع بالمقالات و البيانات اللى بتميل لأقصى اليمين أو أقصى اليسار أو ننخدع بكلام إيجابى أو سلبى ملوش أسس ..
– الإجراءات التقشفية كانت ضرورة فعلاً و كان ممكن ننهار بجد لو مطبقنهاش .. حصل إهدار بالطبع و له أسباب و أنا هنا مش بحاسب اللى تسبب فيه و قد يكون ده حصل بحسن نية .. المهم إن الإجراءات دى كقرار كان واجب و ضرورى ..
– إعتراضى أنا أو غيرى عليها ليس لعدم جدواها و لكن لطريقة تطبيقها و عدم ملائمتها لظروف الناس و كان يجب التدرج فى تطبيقها مع الإهتمام ببعض الإجراءات اللى تضمن الحد الأدنى من الحياة الكريمة للطبقة المتوسطة و الفقيرة لإن تقريباً مفيش إجراءات حمائية للطبقات دى حتى و إن تم التصريح بغير كده و دليلى على ده هو إحساس الطبقات دى بتراجع مستواها المعيشى بشكل واضح و مستمر من فترة مش قصيرة ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ