نظرة على خريطة الديون المصرية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
– فى إبريل الماضى أصدر البنك المركزى المصرى بيان قال فيه إن ديون مصر الخارجية وصلت إلى 67 مليار دولار نهاية ديسمبر 2016 http://cutt.us/dbCk2
– فى نهاية يوليو الماضى أصدر البنك المركزى بيان تانى قال فيه إن الديون الخارجية زادت إلى 73.9 مليار دولار نهاية مارس 2017 http://cutt.us/8bl4f
– يوم الخميس الماضى أصدر البنك المركزى بيانه الربع سنوى المعتاد و قال فيه إن الديون الخارجية وصلت إلى 79 مليار دولار نهاية يونيو 2017 http://cutt.us/gl3Tq
ــــــــــ
* الحقيقة فيه تفاصيل أكتر من كده فى الأخبار الثلاثة و ممكن تدخل تقراهم لو حبيت .. من ناحيتى أنا هركز على كام نقطة كده أعتقد إنهم مهمين و مينفعش يتقالوا كده بسرعة وسط الأخبار اللى فاتت دى و أهمهم على الإطلاق هو :
إيه هى العلاقة بين البيانات الإقتصادية و يوم الخميس .. أنا مش فاهم ليه دايماً أى بيانات إقتصادية مهمة أو حتى بداية تطبيق إجراءات قاسية زى رفع الدعم أو زيادة الأسعار بتتم يوم الخميس بلليل .. أنا أعتقد إن البنك المركزى هو أول مؤسسة حكومية فى التاريخ تربط الإقتصاد بيوم الخميس 🙂 .. عامة خلينا ندخل فى التفاصيل :
ــــــــــ
1 – فى الخبر التانى البنك المركزى صرح إن نسبة الدين الخارجى اللى هى 73.9 مليار دولار تساوى 41.2 % من الناتج المحلى الإجمالى :
النقطة دى صحيحة لإن الناتج المحلى الإجمالى المصرى مقوم بسعر الدولار حوالى 176 مليار دولار و بالمناسبة يا جماعة نسبة 41.2 % لا تعتبر مخيفة لإن حد الأمان العالمى هو 60 % و قد تزيد النسبة عن كده كمان بشرط إن الإقتصاد يكون متعافى و بينتج أما لو إقتصاد مريض فحد الأمان بيبقى 60 % و أكتر من كده بيبقى فى خطورة بالطبع ..
ــــــــــ
2 – فى نفس الخبر ذكر البنك المركزى إن إجمالى الدين قصير الأجل و اللى هيسدد قبل نهاية 2017 يبلغ 11.9 مليار دولار :
الرقم صحيح و لكنه كبير نسبياً و عشان مصر تقدر تحافظ على رصيد الإحتياطى عند 36 مليار دولار الحالية مش هيبقى قدامها غير إنها تقترض تانى أو إنها تنتج و تحقق إيرادات و بالطبع زى ما احنا عارفين الإقتراض هو الحل الأسهل و الأسرع ..
ــــــــــ
3 – فى نفس الخبر تم ذكر إن الدين الداخلى زاد بنسبة 28.9 % و وصل إلى 3.052 تريليون جنيه أى ما يوازى 166.9 مليار دولار :
هنا بقى الخطورة تظهر بوضوح .. 166.9 مليار دولار يعنى 95 % من الناتج المحلى الإجمالى .. يعنى الدولة كلها بمشروعاتها و خدماتها و ناسها و أهلها لازم تشتغل سنة كاملة تقريباً عشان بس تسدد ديونها الداخلية ..
طبعاً واحد منكم ممكن يقولى بس الدين الداخلى ده مقدور عليه لإنه بالجنيه المصرى ده بقى هقوله لا يا حبيبى ما هو إنت عشان تسدد دين بالحجم ده قدامك حل من إتنين :
– يا تطبع فلوس جديدة و بكده التضخم يزيد و بالتالى الأسعار تزيد و يبقى كله على دماغك ..
– يا الدولة تقرر رفع ضرايبها و أسعار خدماتها كلها عشان تحقق إيراد تسدد بيه الدين و ده هيرفع الأسعار و يبقى كله برضه على دماغك ..
– يعنى فى الحالتين كله هيبقى على دماغك إلا فى حالة واحدة بس هى إننا ربنا يكرمنا بمصدر دخل غير متوقع .. حاجة كده معجزة إلهية .. بترول .. غاز .. دهب .. مرجان .. ياقوت .. أو مثلاً مثلاً يعنى لو قررنا نشتغل و ننتج و كده 🙂
ــــــــــ
4 – فى الخبر الثالث تم ذكر إن الدين الخارجى زاد إلى 41.6 % :
زى ما ذكرت كل ده فى النطاق الآمن و لا خوف منه لكن المرعب فى الموضوع مش حجم الدين مقارنة بالناتج المحلى الإجمالى .. المرعب هو الوتيرة السريعة للدين نفسه ..
يعنى الدين بيزيد بسرعة قد إيه ؟
و هل إنتاجنا بيزيد بنفس السرعة و لا لأ ؟
يا اخوانا إحنا الدين بتاعنا زاد من 55.8 مليار دولار إلى 79 مليار خلال سنة واحدة .. 23.2 مليار دولار زيادة خلال سنة .. إنتوا متخيلين .. طبقاً لخطة صندوق النقد فديوننا الخارجية هتوصل إلى 102.4 مليار دولار فى يونيو 2020 يعنى بعد أقل من 3 سنين ..
انتوا عارفين ده معناه إيه ؟
ده معناه إن ناتجنا المحلى لازم يزيد و يوصل إلى 256 مليار دولار بدلاً من 176 مليار حالياً و ده بس عشان نحافظ على نسبة ال 41.6 % يعنى إحنا مش هنسدد من اللى علينا .. لأ .. ده احنا لازم نزود إنتاجنا ب 80 مليار دولار خلال 3 سنين بس عشان نوقف المديونية عند الحد ده ..
ــــــــــ
5 – الخبر ذكر نقطة مهمة و هى قدرة الإقتصاد على سداد القروض قصيرة الأجل من الإحتياطى النقدى و اللى تمثل 39 % من صافى الإحتياطيات :
الحقيقة أنا الصياغة بتفرق معايا جداً و اللى بيصيغ البيانات بتاعة البنك المركزى بيجيد إخفاء العيوب بشكل رائع .. يعنى لما انت تسمع إن الدين قصير الأجل يساوى 39 % بس من الإحتياطى فانت تتبسط و تقول ما احنا كويسين أهو لكن فى الحقيقة البيان مذكرش نهائى إن الإحتياطى أساساً عبارة عن ديون و بالتالى فإحنا بنسدد ديون من ديون و بيضاف عليها فوائد كمان .. طريقة عرض النقط الخلافية بالشكل ده مبهر الحقيقة .. اللى بيكتب البيانات بالشكل ده ميكب أرتيست يا اخوانا و الله مش إقتصادى أبداً 🙂
ــــــــــ
6 – أشار البنك المركزى فى بيانه إن الزيادة فى الدين الخارجى بتمول من قروض و سندات أغلبها طويل الأجل :
و هنا أنا بأيد النقطة دى لإن بالفعل غالبية القروض و السندات هتسدد على فترات زمنية طويلة و لكن اللى متقالش فى النقطة دى إن كل ما فترة السداد زادت الفايدة كمان بتزيد و إحنا بنديلهم فوائد 8.5 % فى حين إنهم بياخدوا فى بلدهم 1.5 % أو 2 % بالكتير .. لكن لو هيتم تخييرى بين القروض قصيرة الأجل أو طويلة الأجل فأنا هختار طويلة الأجل لأنها الأخف ضرراً و لو كان مفيش مفر منها الفترة الجاية فلا بأس ..
ــــــــــ
7 – أخيراً مذكور فى الخبر إن الحكومة المصرية وافقت على برنامج سندات دولية جديد ب 7 مليار دولار خلال العام المالى الحالى و اللى هينتهى فى يونيو 2018 :
عشان محدش يتضايق مع كل خبر فيه زيادة للديون فانت لازم يكون عندك خلفية بخطة صندوق النقد اللى إحنا بننفذها بالحرف .. الخطة بتقول بإختصار ديون هتوصل إلى 102.4 مليار دولار .. رفع الدعم تدريجياً عن كل الخدمات المقدمة للشعب ( كهرباء – مياه – غاز – بنزين – تموين – إلخ ) .. تحلل الدولة بالكامل من أى مسئولية إجتماعية تجاه الشعب و بالتبعية تخفيض الإنفاق لأقل درجة .. زيادة الإيرادات عن طريق زيادة أسعار الخدمات الحكومية ( تراخيص السيارات – إستخراج الوثائق الحكومية بكافة أشكالها – إلخ ) .. رفع نسب الضرائب بكافة أنواعها مع تطبيق ضريبة القيمة المضافة ..
من الأخر برنامج تقشفى إنكماشى بجدارة المتضرر الوحيد منه الجيل الحالى بالكامل و لو – لا قدر الله – الخطة فشلت فهيعانى من نتايجه الأجيال الجاية كمان ..
ــــــــــ
* الخطة دى مستمرة يا جماعة و هتفضل مستمرة لحد نهاية العام المالى 2020 لحد ما الدعم يتشال نهائى و بعدها يتم النظر فى المستحقين الفعليين للدعم .. واحد منكم برضه يقولى يعنى إنت واثق فى الحكومة إنها بعد 3 سنين من دلوقت هتوزع الدعم بما يرضى الله على المستحقين الفعليين ؟
أرد و أقوله الله أعلم .. ده علم غيب طبعاً .. الأهم بالنسبة لى مش إنها هتوزعه فعلاً و لا لأ .. يا سيدى إفترض إنها هتوزعه على مستحقيه فعلاً .. النقطة المهمة فعلاً بالنسبة لى هى :
– مين هما مستحقيه ؟
– و هيزيدوا كام مليون من دلوقت لحد معاد التوزيع ؟
– بعد 4 سنين تقريباً من تطبيق البرنامج ده مش بعيد أبداً كاتب السطور دى يدور على كوبونات الدعم اللى أكيد هيستحدثوها مع الوقت 🙁
ــــــــــ
* أخيراً و بكررها للمرة المليار .. المشكلة ليست فى حجم الدين و لكن فى طبيعة الدين و طريقة إستخدامه .. هل إحنا بنستلف عشان نعمل مشاريع فالمشاريع تكسب و بالتالى إيراد الدولة يزيد و لا احنا بنستلف وبنصرف الفلوس على واردات و بنسدد بيها ديون قديمة و بندفع منها فوائد الدين الداخلى و الخارجى .. معنديش مانع فى القروض بس نوجه الفلوس لنشاطات إستثمارية تعود على البلد بالخير مستقبلاً ..
* أنا أتمنى النجاح للإدارة الإقتصادية الحالية لأسباب إنسانية بحتة بعيداً عن الدوافع السياسية اللى بتحرك كتير من الناس حالياً .. أنا بتمنى إنهم ينجحوا عشان الفشل لا قدر الله هتبقى آثاره كارثية بالمعنى الحرفى للكلمة على شعب يكاد يجد قوت يومه بالعافية و لا أظن إن فى حد هيقدر يستحمل تبعات الفشل لو حصل لا قدر الله ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ