الكويت .. مقومات عظيمة و مردود ضعيف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( تحققت نتائج إقتصادية قوية فى عام 2011 بدعم من الإيرادات النفطية المرتفعة إلا أن وتيرة تعافى النشاط الإقتصادى غير النفطى إستمرت محدودة مع إستمرار ضعف نمو الإئتمان المصرفى برغم تحسنه )
تعليق السيدة #مى_خميس رئيسة بعثة صندوق النقد الدولى إلى الكويت إبريل 2012
ــــــــــــــــ
* صدر ذلك التقرير فى أحد أكثر السنوات إزدهاراً بالنسبة للإقتصاد الكويتى بسبب إرتفاع سعر برميل البترول عالمياً و على الرغم من ذلك فهو أشار صراحة إلى ضعف القطاع الصناعى بالبلاد .. كيف يكون الإقتصاد قوى نفطياً بهذا الشكل و مع ذلك فهو ضعيف فى باقى جوانبه و على رأسها الجانب الصناعى .. بلا شك #دولة_الكويت تحتاج للتطوير لمواكبة التطورات الإقتصادية العالمية حتى لا تعانى ويلات التأخر عن قرناءها الخليجيين .. الآتى رحلة سريعة داخل الإقتصاد الكويتى لمعرفة نقاط قوته و أيضاً الجوانب التى تحتاج إلى التعديل بما يضمن إستمرارية الرخاء لذلك البلد الخليجى ..
* تاريخياً عانت معظم دول الخليج العربى و قبل إكتشاف النفط من ظروف معيشية صعبة نظراً لقلة الموارد الطبيعية و قسوة المناخ و ملوحة الأرض و هو ما أسهم فى إرتباط الشعب الكويتى بالإقتراب من البحر .. ذلك كان له أبعد الأثر فى النشاطات الإقتصادية قديماً .. الغوص على اللؤلؤ و صناعة السفن و شباك الصيد كانت أبرز المهن فى الكويت وقتها .. الحياة بجانب البحر ساهم بشكل كبير فى إنتعاش التبادل التجارى مع الدول القريبة منها مثل البصرة فى العراق أو #الإمارات_العربية_المتحدة أو السفن القادمة من الهند ..
* بخلاف المهن المرتبطة بالبحر فكانت هناك بعض الأنشطة الإقتصادية الأخرى مثل الغزل و النسيج و المصنوعات الجلدية و الحدادة و التجارة فى الذهب و الفضة و صناعة السلال و الحصر أو حتى رعى الماشية فى الأماكن القليلة التى إستطاع الكويتيون الزراعه بها .. أنشطة إقتصادية بسيطة نوعاً ما و لكنها حققت الإكتفاء الذاتى للشعب الكويتى آنذاك .. كل شيىء كان بسيطاً حتى تدخلت بريطانيا .. بريطانيا التى شكلت مستقبل بلدان الخليج العربى كلها تقريباً ..
* بريطانيا و عن طريق ذراعها الإقتصادى #شركة_الهند_الشرقية كانت تسيطر على منطقة الشرق الأوسط و جنوب شرق آسيا بالكامل و فى إطار حفاظ الإمبراطورية البريطانية على مصالحها فى المنطقة فقد وقعت معاهدات حماية مع الدول الخليجية كلها و كان نصيب الكويت منها معاهدة 1899 و التى إحتكرت بها ثروات الكويت الطبيعية .. معاهدة أفضت لاحقاً حصول شركة بريطانية أمريكية مشتركة على إمتياز التنقيب عن النفط فى الكويت عام 1933 ..
* اكتشف النفط لأول مرة فى الكويت عام 1938 و لكن بسبب إندلاع الحرب العالمية الثانية فقد تم تأجيل التصدير إلى عام 1946 حين تم تصدير أول شحنة نفط كويتية .. منذ تلك اللحظة سيتغير وجه الكويت تدريجياً و ستختفى النشاطات الإقتصادية القديمة بالتدريج لصالح صناعة النفط حتى تسيطر الصناعات النفطية حالياً على الإقتصاد الكويتى بشكل كامل .. 90 % من عائدات التصدير .. 93 % من الإيرادات الحكومية .. 45 % من الناتج المحلى الإجمالى .. هذا مؤشر خطير و تبعاته أكثر خطورة فى حالة حدوث أى هزة فى أسعار النفط عالمياً ..
نقاط قوة الإقتصاد الكويتى :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* الكويت دولة نفطية بإمتياز فهى صاحبة سادس أكبر إحتياطى نفطى فى العالم بما يعادل 101.5 مليار برميل بنسبة 8 % من إجمالى الإحتياطيات العالمية بالإضافة لكونها تاسع أكبر منتج نفطى فى العالم بما يعادل 2.9 مليون برميل يومياً و لديها #حقل_برقان الذى يعد ثانى أكبر حقل بترول فى العالم .. ما سبق أعطى الكويت ثقلاً إقليمياً و عالمياً بحكم إمتلاكها لتلك السلعة الإستراتيجية و أهلها لأن تكون عضواً فاعلاً فى #منظمة_أوبك ..
* فى عام 2012 حققت الكويت أعلى عائد تصديرى للنفط فى تاريخها بلغ 108 مليار دولار مستغلة إرتفاع سعر برميل النفط .. لم يقف الأمر عند ذلك الحد بل تحسنت الأوضاع أكثر بعد إرتفاع سعر البرميل إلى 114 دولار فى يونيو 2014 .. تحسن الأوضاع مكن الكويت من تحقيق فوائض مالية كبيرة و ظن الجميع أن المستقبل أكثر إشراقاً .. لم لا فقد يتخطى سعر البرميل 150 دولار ..
* الفوائض المالية ساهمت فى إنتعاش الإقتصاد بالفعل و ظهر أثر ذلك على الدعم المقدم للشعب و معدلات الأجور و مستوى الرفاهية و القوة الشرائية الكبيرة للدينار الكويتى .. أما على المستوى المالى فقد إحتل الصندوق السيادى للكويت المركز الخامس عالمياً من حيث القيمة و التى بلغت حالياً 592 مليار دولار و هو بذلك يستحوذ على 8 % من إجمالى قيمة الصناديق السيادية فى العالم و البالغة 7.4 تريليون دولار .. صندوق سيادى قوى يعادل 420 % من إجمالى الناتج المحلى الإجمالى للكويت و المقدر ب 140.95 مليار دولار و الذى يحقق أرباحاً سنوية 3 % و هو مقسم إلى 45 % إستثمارات فى الأسهم .. 25 % سندات .. 10 % عقارات .. و الباقى إستثمارات متنوعة ..
* ما سبق يعد رائعاً على مستوى الأرقام و كان متوقعاً أن يكون أكثر روعة لولا ما حدث من إنهيار فى سعر النفط العالمى .. فى أوائل عام 2016 هبط سعر برميل النفط إلى حدود ال 30 دولار و هو ما يعد كارثة للدول النفطية و بالأخص دولة مثل الكويت تعتمد إعتماد شبه كامل على النفط كمصدر للدخل .. فى أقل من سنتين فقد برميل البترول 74 % من سعره تقريباً .. أثر الإنخفاض ظهر بوضوح فى موازنة 2016 حينما تحقق عجز فى الموازنة العامة لأول مرة منذ 16 عاماً بلغ 15.3 مليار دولار إرتفع فى 2017 إلى 32.3 مليار دولار ثم انخفض فى موازنة 2018 إلى 26.3 مليار دولار و هو ما يمثل 18.8 % من الناتج المحلى الإجمالى كما أكد وزير المالية الكويتى السيد #أنس_الصالح ..
* أرقاماً سلبية لم يعتاد عليها الكويتيون من فترة طويلة و هو ما أجبر المسئولين إلى تمويل العجز عبر طرح أذون خزانة محلية و سندات دولية بالإضافة لسحب جزء من الإحتياطى النقدى المقدر ب 120 مليار دولار .. سندات دولية قدرت ب 8 مليارات دولار تم تقسيمها إلى آجال 5 سنوات و 10 سنوات بقيم 3.5 مليار دولار و 4.5 مليار دولار على التوالى .. إضافة للسندات الدولية قررت الكويت تطبيق خطة تقشفية شملت زيادة فى أسعار الخدمات الحكومية و زيادة فى أسعار المحروقات و تطبيق ضريبة القيمة المضافة على كل المشاريع التى تحقق مبيعات سنوية بأكثر من 30 ألف دينار و هو ما يعنى أن التطبيق سيطول كل الأنشطة الإقتصادية فى الكويت تقريباً .. إجراءات تعد جديدة على كل من يعيش بالكويت سواء مواطنين أو وافدين ..
* من نقاط قوة الإقتصاد أيضاً قطاع الخدمات و على رأسه القطاع المصرفى و قطاع التأمين .. ذلك القطاع يشارك بنسبة 21 % من الناتج المحلى و هو يعد ثالث أكبر نسبة فى دول مجلس التعاون بعد البحرين و السعودية .. القطاع المصرفى تحديداً له باع طويل فى مساندة الإقتصاد .. 10 بنوك عاملة داخل البلاد و خارجها ساهمت فى نمو الناتج المحلى و حققت أرباحاً صافية فى بعض السنوات قبل الأزمة العالمية تجاوزت المليار دينار ذهب معظمها للمساهمين .. و عموماً متوقع أن ينمو القطاع غير النفطى بنسبة 4 % فى 2017 ..
* من عناصر القوة أيضاً فى الإقتصاد الكويتى هو الدعم الحكومى الكبير خاصة فى مجال البنية التحتية و البناء و التشييد .. مشروعات البنية التحتية تعمل على قدم و ساق .. تطوير مطار الكويت الدولى و مشروع مترو الكويت و مشروع شبكة السكك الحديدية و تطوير طرق و موانىء و مطارات و هذا بخلاف مشروع تطوير و بناء عشرات الآلاف من الوحدات السكنية .. ما سبق خصصت له ميزانية تزيد عن 140 مليار دولار مقسمة على أربع سنوات فقط .. ثورة إنشائية كبيرة ستشهدها الكويت خلال السنوات القادمة توجت فى 2015 بموافقة البرلمان الكويتى على إنشاء #مدينة_الحربر كأكبر مشروع إعمارى كويتى فى التاريخ بتكلفة 270 مليار دولار ..
* بخلاف الثورة الإنشائية فقد تم توقيع عقود مشاريع جديدة بلغت قيمتها 32 مليار دولار و تم تقديم دعماً أميرياً للمشروعات التنموية بلغ 102 مليار دولار لمدة 4 أعوام مناصفة بين القطاع الحكومى و القطاع الخاص و أهم المشروعات المتوقعة فى تلك الخطة مشروع النفايات الصلبة و مشروع أم الهيمان للنفايات السائلة و المرحلة الثانية من محطة الزور لتوليد الطاقة الكهربائية ..
نقاط ضعف الإقتصاد الكويتى :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* أبرز نقاط الضعف فى الإقتصاد الكويتى هى #قطاع_الصناعات_التحويلية و على الرغم من أن الكويت أول دولة خليجية أنشأت هيئة عامة للصناعات و أول دولة تنشىء بنكاً صناعياً إلا أنها تحتل المركز الأخير خليجياً فى التنمية الصناعية و الأقل من حيث مشاركة القطاع الصناعى بالناتج المحلى الإجمالى حيث يساهم القطاع ب 6 % فقط من إجمالى ما تنتجه الكويت يتركز أغلبه فى تصنيع الزجاج و الأسمنت و الجير و الأخشاب و بعض المنتجات المعدنية و بالرغم من ضعف النشاط الصناعى إلا أن الكويت تملك إثنا عشر منطقة صناعية أكبرهم على الإطلاق #منطقة_الشعيبة و #منطقة_غرب_ميناء_عبد_الله و #منطقة_الشويخ ..
* قد يكون البديل الأفضل للصناعات التحويلية هو #صناعة_البتروكيماويات و هى عبارة عن مركبات يتم إنتاجها من البترول أو الغاز الطبيعى مثل الغزل الصناعى بدلاً من القطن و الصوف و المطاط الصناعى بدلاً من الطبيعى و المواد البلاستيكية التى حلت محل المواد المعدنية فى كثير من الصناعات و قد تكون البداية فى المشروع الطموح #مجمع_الكويت_للصناعات_التحويلية_البتروكيماوية المزمع إنشاؤه عن طريق #شركة_إيكويت مع الإهتمام المتزايد بالصناعات المعدنية و المتمثل فى صناعة الألمونيوم و بعض المعادن الأخرى مثل الحديد و النحاس و التيتانيوم ..
* الضعف العام فى الصناعة له مؤشرات أيضاً يجب الإلتفات لها و تعديلها فالكويت تحتل مراكز متأخرة جداً على معظم المؤشرات التى تدل على سهولة الإستثمار و إزدهار مستقبل التصنيع .. على سبيل المثال لا الحصر :
– المركز 38 على مؤشر التنافسية العالمية
– المركز 56 على مؤشر الخدمات اللوجستية التجارية
– المركز 63 على مؤشر مدى قوة حماية المستثمرين
– المركز 104 على مؤشر سهولة ممارسة الأعمال
– المركز 108 على مؤشر عبء اللوائح والقوانين
– المركز 127 على مؤشر كفاءة مجالس الادارة
– المركز الأخير بين دول الخليج من حيث الإجراءات الحكومية و التى إستلزمت 14 تأشيرة للحصول على الموافقة لبدء نشاط صناعى جديد
– و إذا أضفنا لما سبق عوامل طبيعية تتمثل فى صغر حجم السوق لقلة عدد السكان و أيضاً ضعف الموارد الطبيعية و المنحصرة فى النفط و الغاز فنستطيع رسم صورة عامة عن ضعف الصناعة بشكل عام فى الكويت
* لم يبقى سوى الإشارة لأسباب تراجع الإقتصاد الكويتى فى نقاط سريعة :
– زيادة المعروض عالمياً من النفط .. البرازيل و إيران و العراق رفعوا حصتهم التصديرية بالإضافة لتصدير النفط الصخرى فى الولايات المتحدة مع تصريح الرئيس الأمريكى بالإستغناء عن نفط الخليج .. كل تلك العوامل تعد سبباً فى عدم وضوح المستقبل بالنسبة للكويت
– سوء الإدارة و البيروقراطية و المحسوبية و هو ما دل عليه المؤشرات التى تم ذكرها سالفاً
– زيادة عدد الوافدين و هو ساهم فى تغير التركيبة السكانية للكويت خاصة إذا ما وضعنا فى الإعتبار أن أغلبها عمالة غير ماهرة فمن إجمالى عمالة 1.775 مليون عامل إقتصر حجم العمالة الوطنية منها على 339 ألف عامل مقابل 1.436 مليون للعمالة الوافدة
– أزمة الشركات الوهمية التى أدرجت بالبورصة الكويتية و أثيرت فضيحتها عام 2008 و هو ما أفقد الثقة فى البورصة الكويتية و ما زالت آثارة ممتدة للآن
– إحتكار التجار للسلع و إرتفاع نسبة التضخم كعرض طبيعى لذلك
* إذاً يمكننا القول أن الكويت إقتصاد يعد صغيراً من حيث الحجم و لكنه مناسب جداً لحجم الدولة و عدد سكانها .. نقاط قوته تساوى نقاط ضعفه تقريباً .. رقمياً تستطيع الكويت تجاوز أزمتها الإقتصادية الحالية خلال فترة قصيرة خاصة مع تطبيق خطتها التقشفية الحالية و لكن بشرط واحد و هو زيادة سعر برميل البترول عالمياً و هو ما يعد أبرز تحديات الكويت مستقبلاً فبقاء الإقتصاد الكويتى تحت رحمة أسعار النفط العالمية يجعل عدم الإستقرار هو سمته الغالبة ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ