الجزء الثالث :
ــــــــــــــــــــــ
( 2 ) سياسياً :
ـــــــــــــــــــــــــ
* بعد الإنتهاء من سرد علاقة الأكراد بتركيا تاريخياً فيتوجب علينا النظر إلى العلاقة بينهما سياسياً خاصة فى ظل حكم #حزب_العدالة_و_التنمية برئاسة #رجب_طيب_إردوجان .. العلاقة بين الطرفين لم تتغير كثيراً مع تولى الحزب قيادة الدولة و لكن على الأقل تمتع الأكراد بمزيد من الحقوق التى إنتزعت منهم تاريخياً إضافة لتحريك عملية السلام مع #حزب_العمال_الكردستانى ..
* تختلف الأرقام بين المصادر التركية و الكردية فعلى سبيل المثال تقول تركيا أن الأكراد يمثلون أغلبية فى 15 محافظة من أصل 81 فى حين يقول الأكراد أنهم أغلبية فى 24 محافظة .. على كل حال فعدد الأكراد لا يقل عن 15 مليون نسمة و هو ما يمثل حوالى 20 % من السكان .. و تلك كتلة سكانية ليست قليلة و يمكنها تعطيل مسيرة أى تقدم للدولة خاصة إذا كانت تلك الكتلة تشعر بالظلم تاريخياً .. و النتائج على الأرض تثبت أن تركيا تكلفت الكثير جداً فى حربها على حزب العمال الكردستانى الذى نادى برفع السلاح ضد السلطات فى أنقرة على مدار أربعين عاماً تقريباً .. يجب التوصل لحل سلمى بطريقة ما تحفظ للدولة التركية هيبتها و تحفظ للأكراد حقوقهم .. هكذا كان لسان حال كل من يتابع تطورات القضية منذ عقود ..
* أربعون عاماً تقريباً و حزب العمال يناصب العداء للحكومة التركية رافعاً شعار المواجهات العسكرية ضد الدولة محاولاً إجبارها على قبول إستقلال الإقليم و الذى يعتبروه حقهم التاريخى من وجهة نظرهم .. لم ينل الطرفين شيئاً سوى خسائر بمليارات الدولارات و زيادة الشرخ المجتمعى أكثر و أكثر بمرور الوقت فتأكد للجميع أنه لا مفر من المفاوضات لحل تلك المشكلة .. بدأت المحاولات عام 1992 بين الرئيس التركى #تورجوت_أوزال و الزعيم الكردى #عبد_الله_أوجلان بعد توسط الزعيم الكردى العراقى #جلال_الطالبانى و الذى أعلن بعده أوجلان قراره بوقف إطلاق النار فى مؤتمر صحفى من مدينة البقاع اللبنانية .. لم يمر وقت طويل حتى توفى الرئيس التركى بأزمة قلبية و هو ما عاد بالمفاوضات إلى نقطة الصفر مرة أخرى ..
* قبل أربعة سنوات تقريباً إنطلقت عملية السلام بين الحكومة التركية و حزب العمال الكردستانى بوساطة من #حزب_الشعوب_الديموقراطى الكردى لتنفيذها على مراحل بما يضمن للطرفين الإستفادة منها .. بالطبع هناك صعوبات فكل طرف منهما دخل المفاوضات بثقة شبه معدومة فى الطرف الآخر و كل منهما يحمل تصوراً مخالفاً تماماً للأخر ..
– تركيا مثلاً تطالب حزب العمال بالآتى :
– سحب مقاتليه البالغ عددهم ستة آلاف مقاتل خارج البلاد و نزع سلاحهم ..
– عودة الأكراد ذوى الأصول التركية فقط للداخل مرة أخرى قبل إصدار عفو شامل تجاههم ..
– تطالب بإستثناء القادة منهم و الذين ترغب أنقرة فى نفيهم بالخارج ..
– أخيراً تطالب بالتخلى عن أى شعارات إنفصالية للحزب أو ذكر أى كلمة بخصوص الحكم الذاتى ..
– مقابل ذلك ستعطى الأكراد حقوقهم الثقافية و اللغوية و إعترافاً دستورياً بأنهم ثانى أكبر قومية بالبلاد مع وضع تصور لإطلاق سراح عبد الله أوجلان .. بإختصار إردوجان يريد نزع سلاح الأكراد مقابل وعدهم بدمجهم ضمن الشعب التركى من حيث الحقوق و الواجبات و خطط التنمية إلى أخره و هو ما لا يلاقى قبولاً لدى الأكراد بالطبع ..
* فى المقابل يطالب الأكراد بالحكم الذاتى كطلب أول و أن يشمل العفو كافة عناصر الحزب و على رأسهم القادة و أن يتم تحويل المقاتلين إلى رجال شرطة يعملون فى مناطق الأكراد و أخيراً وعداً صريحاً بإطلاح سراح أوجلان كزعيم روحى للأكراد و أن يكون تنفيذ تلك الخطوات تحت رقابة دولية و إقليمية مع تأسيس لجنة أسماها أوجلان #لجنة_الوفاق_و_تقصى_الحقائق يساهم عن طريقها الأطراف الأجنبية فى مراقبة خطوات الحل و التى تشمل :
– إطلاق سراح الأسرى من الطرفين ..
– وقف العمليات العسكرية من الطرفين ..
– تهيئة الرأى العام لقبول الحل السياسى ..
– تسهيل العراقيل القانونية عن طريق البرلمان التركى ..
– تشكيل لجنة عفو عن كل من شارك فى العمليات العسكرية و بدء صفحة جديدة ..
* مطالب بالتأكيد يجرى التفاوض عليها منذ سنوات و هناك بوادر على إستكمال الطريق الذى سيكون بالتأكيد طويلاً و مرهقاً فعلى الرغم من طول زمن التفاوض إلا أن هناك مؤشرات تنبىء بنجاح تلك المفاوضات فى النهاية و إن طال زمنها .. أبرز تلك المؤشرات هى رغبة الزعيمين أنفسهم – إردوجان و أوجلان – فى نجاحها .. إردوجان مثلاً يريد تحقيق أهداف سياسية من وراء المصالحة أبرزها :
– هو يتطلع لتحقيق إنجاز تاريخى عبر نزع سلاح حزب العمال الكردستانى و هو ما فشل فيه كل سابقوه ..
– تغيير وجه تركيا تماماً و التخلص من الفكر الكمالى نهائياً و بناء #الجمهورية_الثانية على حسب تعبير أصحاب التوجه الإسلامى فى تركيا ..
– السعى لتأمين أصوات حزب الشعوب الديموقراطى الكردى و الذى يملك 34 نائباً فى البرلمان لتمرير مشروع الدستور الجديد و هو ما حدث بالفعل مؤخراً ..
– كسب ثقة أكراد الدول المجاورة خاصة بعد تحسن علاقته مع إقليم كردستان العراق و هو ما يضيف فوائد إقتصادية و سياسية للدولة التركية بلا شك ..
– يريد إردوجان تجنيب تركيا المواجهات المسلحة عن طريق تحقيق الديموقراطية بشكل حقيقى داخل الإقليم مما سيضعف دعاوى الإستقلال التى تتردد هناك منذ عشرات السنين ..
– تحسين صورة تركيا أوروبياً و لم لا فقد تكون خطوة على طريق الإلتحاق بالإتحاد الأوروبى بالإضافة لكسب دور إقليمى أكبر بعد تصدير صورة تركيا خارجياً كدولة تسعى دائماً لحل خلافاتها ..
– أما أوجلان المسجون فى #جزيرة_إمرالى منذ حوالى 17 عاماً فيريد أن يكون مانديلا الأكراد بالإضافة لتحقيق حلم الأكراد يالدولة المستقلة و حلمه الشخصى بتخليده كزعيم سياسى و بطلاً للسلام بدلاً من معاملته كإرهابى و قبل كل ذلك هو يريد حريته الشخصية .. أوجلان بشراً قبل كل شيىء ..
* من الواضح إذاً أن العملية تسير فى الإتجاه الصحيح حتى و إن كانت بطيئة نوعاً ما فالأكراد إستفادوا فى عهد إردوجان كما لم يستفيدوا من قبل .. حصدوا فى الإنتخابات البرلمانية 10.3 % من المقاعد لأول مرة و أصبحوا يستطيعون عرض مطالبهم بشكل رسمى .. أيضاً تم إدراج اللغة الكردية ضمن المناهج التعليمية كلغة إختيارية .. لم تقف المكاسب عند ذلك الحد و لكن إمتد الأمر إلى إعتذار إردوجان علناً عام 2011 للأكراد عن #مجزرة_ديرسم التى تمت فى عهد أتاتورك عامى 1937 و 1938 .. كل ذلك يجعل من حلم المصالحة أمراً ممكناً و يعطى للأكراد حقهم فى الحفاظ على هويتهم دون الإخلال بهيكل الدولة التركية و هى معادلة لطالما فشل فيها حكام تركيا السابقين ..
( 3 ) إقتصادياً :
ـــــــــــــــــــــــــ
* على صعيد الإقتصاد لا يوجد كثير مما يقال عن الإقتصاد الكردى فى تركيا .. إندماج أقاليم الأكراد فى الإقتصاد التركى قديم جداً و بالتالى ليس لها خصوصية كبيرة مثل ما هو حاصل فى العراق و سوريا على سبيل المثال و أغلب الأرقام تتداخل بشكل كبير ضمن الأرقام المجمعة للإقتصاد التركى لكن على الأقل يمكننا التركيز على ما تتميز به المنطقة من ثروات طبيعية و مقومات يتأكد بها صعوبة إستقلال الإقليم عن تركيا ..
* على مستوى الثروة المائية كردستان الشمالية ينبع منها عدة أنهار :
– #نهر_آراس و الذى يجرى فى إقليم بينجول و يصب فى #بحر_قزوين و يبلغ طوله 1072 كم ..
– #نهر_دجلة و الذى ينبع من بحيرة جولكوك شمال مدينة #ديار_بكر و يصب فى الخليج العربى ..
– #نهر_الفرات و الذى ينبع فرعه المسمى قراصو شمال مدينة #أرضروم و ينبع فرعه الأخر المسمى #نهر_مراد من #ألا_داج عند جبال آجرى ثم يلتقى الفرعان عند مدينة #آلازيج ليكونا نهر الفرات الذى يخترق الآراضى السورية و العراقية ليصب أخيراً فى الخليج العربى ..
– ثلاثة أنهار تخترق ثلاثة دول منبعها فى كردستان تركيا و هذا له مدلول كبير لأن فى حالة إستقلال الإقليم فيستطيع بكل سهولة التحكم بمصادر المياه الرئيسية لدول الجوار الثلاث و تهديد الآمن المائى فيها ..
* أما على مستوى الثروة الزراعية فكما أسلفنا فتوفر مصادر المياه جعل أراضى كردستان عموماً و كردستان تركيا خصوصاً أراضى خصبة صالحة للزراعة .. بحيرات كبيرة مثل #بحيرة_وان مثلاً بالإضافة لأكثر من عشرة آلاف ينبوع و العديد من شلالات المياه و البحيرات الطبيعية .. ذلك يجعل أراضى كردستان سلة غذاء لتركيا و الدول المجاورة .. محاصيل مثل القطن و الفواكه و الخضروات و الذرة و الشعير و الأرز من السهل جداً زراعتها هناك .. كل ما سبق يجعل إمكانية الإستغناء عن كردستان شبه مستحيل ..
* أما على مستوى الثروة النفطية فحدث و لا حرج .. كردستان الكبرى يقال أنها تملك واحداً من أكبر إحتياطيات النفط فى العالم – يقدر بخمسة و أربعين مليار برميل – و هم موزعين على أقاليمها الأربعة خاصة فى العراق و لكن فيما يخص تركيا فهناك آبار #سعرت فى الشمال الكردى و هو ما يعد رافداً مهماً لتركيا التى تحتاج حوالى 600 ألف برميل يومياً لتلبية إحتياجاتها ..
* على مستوى المعادن فمناطق الأكراد تملك المخزون الأكبر فى تركيا من معدن النحاس بالإضافة لكونها غنية بمعادن الذهب و الفضة و الحديد و الرصاص و الرخام .. تنوع ممتاز من المواد الخام يجعلها رافد مهم للإقتصاد التركى و كانت على الدوام عاملاً مساعداً لنهضته .. يمكنك الإطلاع بشكل أكثر تفصيلاً على الإقتصاد التركى فى هذا المقال http://cutt.us/uB9hx
* أخيراً .. تركيا هى منبع أزمة الأكراد منذ حوالى مئة عام ثم صدرت المشكلة لباقى الأقاليم و تعتبر أقرب الأقاليم للوصول لحل سلمى يرضى الطرفان ..
– عن أى دولة نتكلم لاحقاً ..
– أكراد إيران بالطبع .. ثانى أكبر تجمع للأكراد فى كردستان الكبرى ..
– لن يمر وقت طويل حتى نعرف أكثر عن #جمهورية_مهاباد ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ