كاتربيلار .. أسطورة المعدات الثقيلة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* فى أواخر القرن التاسع عشر و مع إنتشار مظاهر الثورة الصناعية فى العالم ظهرت الجرارات الزراعية الحديثة كعامل مساعد للمزارعين لإنجاز أعمالهم بشكل أسرع و تدريجياً صار الإعتماد عليها ضرورياً أكثر فأكثر .. فى الولايات المتحدة و تحديداً كاليفورنيا كان المزارعون يعانون بشدة من ثقل وزن الجرار الزراعى و الذى كان يغرق فى التربة الزراعية و يحتاج الأمر لكثير من الوقت و الجهد لإخراجه ..
لم تبدأ الأزمة فى كاليفورنيا بالطبع إلا أنه فى كاليفورنيا تصادف وجود شخص سيكون له الفضل فى علاج تلك المشكلة ..
فى كاليفورنيا تصادف وجود #بنجامين_ليروى_هولت ..
ــــــــــــ
* فكر بنجامين هولت فى تخفيف وزن الجرارات و التى كانت تصل أحياناً إلى نصف طن للجرار الواحد عن طريق زيادة عرض قاعدة العجلات فيتم توزيع الوزن عليها و لكنه إكتشف أنه بتلك الخطوة سيزيد أيضاً من طول و عرض الجرار نفسه مما سيرفع من تكلفته بشدة ففكر فى حل أخر عبارة عن وضع ألواح خشبية مؤقتة أمام الجرار و نقلها بعد عبوره إلا أن ذلك الحل لم يكن عملياً كفاية بالإضافة لإضاعة الكثير من الوقت فى عملية نقل الألواح مراراً و تكراراً .. ذلك الحل ألهم هولت بفكرته النهائية و هى بدلاً من وضع الألواح الخشبية أمام الجرار يتم وضعها حول العجلات نفسها مع توصيلها ببعض عن طريق سلاسل ( شكل بدائى من المجنزرات التى تحيط بعجلات الدبابات الآن ) تلك كانت فكرة عبقرية فى حينها بالتأكيد و هو ما لفت أنظار الناس إليه .. مصور محترف يدعى #تشارلز_كليمنتس رأى الجرار الجديد فأطلق عليه اسم #كاتربيلار أو اليرقة ..
تلك كانت بداية #Holt_Manufacturing_Company
ــــــــــــ
* عام 1907 قام هولت بتجربة أول جرار بالتقنية الجديدة له و خلال 3 أعوام فقط قرر إفتتاح مصنعه الخاص فى #مقاطعة_بيوريا فى #ولاية_إلينوى بقيادة إبن أخيه .. بدأ العمل فى مصنع هولت الأول ب 12 موظفاً فقط و خلال عامين زاد عدد الموظفين إلى 625 موظفاً بعدما نجحت الشركة فى تعظيم أرباحها عن طريق تصدير جراراتها الزراعية المبتكرة إلى الدول المحيطة بالولايات المتحدة مثل كندا و المكسيك ..
ــــ
* بحلول عام 1917 كانت شركة هولت بعلامتها التجارية كاتربيلار قد ثبتت أقدامها تماماً فى سوق الجرارات الزراعية و أرباحها التصديرية قد وصلت لأعلى مستوياتها بعد تصدير أكثر من 1200 جرار إلى إنجلترا و فرنسا و روسيا .. تلك الجرارات تم إستخدامها لاحقاً فى نقل الأسلحة و الذخائر خلال الحرب العالمية الأولى و خلال سنوات الحرب إزداد الطلب على جرارات كاتربيلار و لكن بعد إضافة المتطلبات العسكرية عليها و تدريجياً و تحت تأثير إغراءات الأرباح الكبيرة غيرت الشركة خطوط إنتاجها و كثفت إنتاجها العسكرى و كلما إزدهر إنتاجها العسكرى تراجع فى المقابل إنتاجها الزراعى و هو ما سمح ل شركة #بيست_للجرارات المنافس الأبرز لشركة هولت أن يستحوذ على حصة الجرارات الزراعية فى السوق بشكل شبه كامل خاصة بعد طلب الحكومة الأمريكية منها تغطية إحتياجات المزارعين من الجرارات ..
ــــ
* فى الوقت التى كانت فيه جرارات كاتربيلار الثقيلة تحقق نجاحاتها عسكرياً كانت تخسر موقعها فى الصدارة زراعياً و ما كادت سنوات الحرب الأربع أن تمر حتى اكتشف بنجامين هولت عام 1919 حجم التراجع فى الأرباح فأصيب بنوبة إكتئاب شديدة توفى على إثرها عام 1920 عن عمر يناهز 71 عاماً و هو ما أجبر مجلس إدارة الشركة على قبول رئيس تنفيذى من خارج الشركة و هو السيد #توماس_باكستر بعد فرضه عليهم من البنوك بسبب وقوع الشركة فى فخ الديون .. على الفور بدأ السيد باكستر فى إعادة تقييم الموقف و أمر بإلغاء إنتاج بعض الوحدات و بدأ التركيز على الوحدات الأصغر حجماً و الأخف وزناً للسوق الزراعية و ركز جهود مصانع هولت على إنتاج معدات إنشاء الطرق بعد إقرار قانون إنشاء الطريق الإتحادى السريع و الذى وضعت له الحكومة الأمريكية ميزانية قدرت بمليار دولار ..
طوق نجاه وجدته شركة هولت فى طريقها بعد اقترابها كثيراً من الإفلاس ..
ــــ
* منذ عام 1907 و لأكثر من 12 عام أنفقت شركتا هولت كاتربيلار و شركة بيست للجرارات أكثر من 1.5 مليون دولار كنفقات قانونية للإختلاف حول قضايا تعاقدية أو بخصوص العلامة التجارية و براءات الإختراع و بعد وفاة بنجامين هولت و تأثر الشركتان مادياً خاصة شركة هولت صار الطريق ممهداً لقبول فكرة الإندماج بدلاً من إستمرار النزاع القضائى بينهما و ما يتبعه من تكاليف إضافية .. تلك كانت مرحلة جديدة فى حياة شركة كاتربيلار حين تم الدمج رسمياً فى إبريل 1925 و نتج عن ذلك الإندماج شركة #Caterpillar_Tractor_Co تولى فيها #كلارنس_ليو_بيست منصب الرئيس التننفيذى حتى عام 1951 ..
سيكون لذلك الرجل أكبر الأثر فى إزدهار الشركة لاحقاً ..
ــــ
* بيست أمر بتوحيد خطوط إنتاج الشركتين و أوقف بعض الطرازات و عدل فى بعضها الأخر و أنتج طرازات أخرى جديدة و معها ارتفعت مبيعات الشركة إلى 13 مليون دولار عام 1926 و خلال ثلاث أعوام فقط تضاعفت المبيعات حتى وصلت إلى 52.8 مليون دولار عام 1929 و على الرغم من الكساد الكبير فى الثلاثينيات إلا أن كاتربيلار واصلت نموها حتى أصبحت رائدة السوق فى مجال البناء و التشييد حتى اعتمدت الولايات المتحدة عليها بشكل كبير أثناء الحرب العالمية الثانية فى بناء المطارات و المرافق العسكرية الأخرى و احتلت كاتربيلار بتلك العقود المرتبة ال 44 بين شركات الولايات المتحدة فى قيمة العقود العسكرية .. تطورت كاتربيلار و أثبتت جدارتها خلال الحرب و بعده حتى تمكنت عام 1950 من إنشاء أول مصانعها خارج الولايات المتحدة الأمريكية لتكون أول خطوة فى مشوار تحولها لشركة متعددة الجنسيات ..
ــــــــــــ
* كاتربيلار و على الرغم من كونها رائدة صناعة المعدات الثقيلة فى العالم إلا أنه صادفها سنوات خفوت فى تاريخها فرحلة تفوقها لم تكن سهلة على الإطلاق .. فى أوائل الثمانينيات على سبيل المثال إقتربت كثيراً من الإفلاس بسبب سوء سياسات الشركة خاصة فى بند التسعير حيث كان السعر يحدد من قبل مقر الشركة الرئيسى فى بيوريا دون النظر للإختلافات الإقتصادية بين أسواقها الخارجية و هو ما استغلته #شركة_كوماتسو اليابانية أفضل إستغلال حين قدمت منتجاتها ذات الجودة العالية بأسعار تنافسية جداً تناسب كافة الأسواق الخارجية و معها إنخفض الطلب على معدات كاتربيلار بشدة و فى عام 1982 أعلنت الشركة عن أول خسارة سنوية لها منذ إنشائها عام 1925 و خلال عامى 1983 و 1984 خسرت الشركة مليون دولار يومياً بلا إنقطاع حتى وصل الأمر لخسارتها حوالى مليار دولار فى نهاية عام 1984 ..
ــــ
* ما كادت الشركة أن تستفيق من تلك الأزمة بعد تعديل خطأها السابق إلا و أتتها الضربة من الحكومة الأمريكية نفسها حين قامت الولايات المتحدة بتطبيق عقوبات إقتصادية على السوفييت بسبب ممارساتهم القمعية فى بولندا و هو ما تسبب فى خسارة الشركة ل 400 مليون دولار أمريكى قيمة مستلزمات الأنابيب التى كان من المفترض تصديرها إلى روسيا و بالتالى أصبحت راكده فى المخازن و لم تكن تلك هى نهاية أزماتها حيث إرتفعت مطالب العمال المادية تدريجياً و هو ما رفضته إدارة الشركة مما اضطرهم لتنظيم إضرابات جزئية وصلت ذروتها عام 1994 حين أضرب أكثر من 10 آلاف عامل لمدة 17 شهر متتالى حتى تم التوصل لحل وسط بين الطرفين ..
ــــ
* أزمات العمال لم تكن تمثل أكبر مشاكل الشركة ذلك الوقت بحكم أنها و بالرغم من كل شيىء كانت لها اليد الطولى فى سوق المعدات الثقيلة إلا أن الأمور تغيرت كثيراً مع الوقت و صارت المنافسة أقوى و أصعب مع دخول شركات جديدة إلى المجال مع زيادة المنافسة مع الشركات القديمة و هو ما أدى لتخفيض عدد العمال بالشركة أكثر من مرة فعدد العمال الذى وصل إلى 127.8 ألف عامل عام 2012 كأعلى عدد عمال فى تاريخ الشركة إنخفض ليصل إلى 99.5 ألف عامل عام 2016 متأثراً بإنخفاض المبيعات من 65.88 مليار دولار عام 2012 إلى 38.54 مليار دولار عام 2016 مع إنخفاض صافى الربح لأقل مستوياته خلال الألفية الجديدة .. إغلاق مصنع بلجيكا الذى تم مؤخراً كان أكبر دليل على ذلك كونه كان مصنع كبير يعمل به حوالى 2000 عامل بالإضافة لأكثر من 6000 عامل يرتبطون بالمصنع بصورة غير مباشرة .. كل ما فات يعد مقبولاً فى ظل سوق يتميز بالتنافسية الشديدة و لكن ما لم تكن تضعه كاتربيلار فى حسبانها هى الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة دونالد ترامب و الذى نادى بضرورة إصلاح نظام الضرائب و عليه قام موظفى إنفاذ القانون الإتحادى فى ولاية إلينوى بمداهمة ثلاث مواقع للشركة متهميها بإخفاء أرباحها عن طريق فرع الشركة بسويسرا للتهرب من دفع ضرائب قدرها مليار دولار ..
ــــ
* على الرغم من المشاكل السابقة و التباطوء الملحوظ فى أرباحها و الذى جعلها تتراجع فى قائمة فورتشن 500 من المركز 44 عام 2011 إلى المركز 74 عام 2017 إلا أن كاتربيلار تظل هى الشركة الرائدة عالمياً فى مجال معدات التشييد و التعدين و إسهاماتها الصناعية الكثيرة ساهمت فى النهوض بالقطاع الصناعى عالمياً بعد تميزها فى إنتاج محركات الديزل و الغاز الطبيعى و التوربينات الصناعية و قاطرات الديزل الكهربائية بخلاف خدماتها المهمة الأخرى مثل خدمات إعادة التصنيع و الخدمات اللوجستية و خدمات السكك الحديدية المتقدمة وأخيراً الخدمات التمويلية و التى تقدمها عبر #Caterpillar_Financial_Services
ــــــــــــ
* كاتربيلار شركة عملاقة بحق و ليس أدل على ذلك من كم منتجاتها الذى وصل إلى أكثر من 400 منتج بداية من الجرارات و الحفارات و ممهدات الطرق و الرافعات الشوكية بكافة الأحجام الممكنة وصولاً إلى الهواتف الذكية و الأحذية و الساعات و الملابس و يتم تصنيع كل تلك المنتجات بكافة أجزائها فى 110 مصنع حول العالم 51 مصنع منهم داخل الولايات المتحدة و الباقى بالخارج منتشرين فى أغلب دول العالم الصناعية مثل أستراليا و إنجلترا و البرازيل و كندا و الصين و التشيك و فرنسا و ألمانيا و المجر و الهند و إندونسيا و إيطاليا و روسيا و سنغافورة و جنوب إفريقيا و غيرهم الكثير مع توفر سلسلة كبيرة من الوكلاء حول العالم يساهموا فى توزيع منتجات الشركة فى أكثر من 200 دولة حول العالم ..
ــــ
* أحد أبرز معدات كاتربيلار هى شاحنتها الضخمة 797-B التى تصنف كأضخم شاحنة فى العالم و الذى يبلغ إرتفاعها أكثر من 7 أمتار و وزنها يتجاوز 600 طن و هو ما يعنى أنها أثقل من طائرة بوينج 747 .. تلك الشاحنة الأسطورية تعمل بمحرك من إنتاج الشركة قوته 3500 حصان ما يعنى أنها أقوى بمرتين من دبابة #أبرامز_M1 و تحتاج تلك الشاحنة لإنتاجها مساهمة 6 مصانع متفرقة فى تصنيع و تجميع أجزائها بتكلفة تقارب 3.4 مليون دولار أمريكى .. كاتربيلار بالتأكيد لا تنتج تلك الشاحنة فقط فهى تنتج أيضاً IDF-D9 تلك الجرافة المدرعة التى يستخدمها الكيان الصهيونى فى هدم منازل الفلسطينيين العزل و هى محور القضية التى رفعها أهل الناشطة الأمريكية راشيل كورى ضد السلطات الإسرائيلية و شركة كاتربيلار بسبب وفاة ابنتهم عام 2003 تحت عجلات واحدة من تلك الجرافات حينما كانت تحاول منعها من هدم منازل الفلسطينيين فى قطاع غزة ..
ــــ
* كاتربيلار لا تعتمد فقط على منتجاتها المشهورة عالمياً بالقوة و المتانة بل تحاول جاهدة فى ظل المنافسة القوية مع قرناءها فى السوق أن تتميز عن غيرها سواءاً بخدماتها التمويلية التى تقدمها للدول و الأفراد أو بإتفاقيات التعاون التى تبرمها مع بعض الشركات الشبيهة مثل إتفاقيتها مع #مجموعة_الزاهد_السعودية المتخصصة فى المعدات الثقيلة و التى أنشأت أخيراً #شركة_الطاقة_جلوبال لتكون واحدة ضمن مجموعتها القوية و المتخصصة فى توفير حلول مؤقتة للطاقة حول العالم حيث يمكن نقل محطات الطاقة و تشغيلها بسهولة فائقة مع سرعة تنصيبها فى غضون أسابيع قليلة و بالتالى فهى قادرة على توفير مصادر سريعة للطاقة تتراوح من 20 : 100 ميجاوات و أكثر لتخدم مشروعات كبيرة و عملاقة فى مجالات مثل النفط و الغاز و التعدين و قطاع الخدمات الحكومية و الخدمات العسكرية و التصنيع و البناء فى دول إفريقيا و الشرق الأوسط و أمريكا اللاتينية و آسيا و بالطبع كل هذا سيتم بالتعاون بين شركة الطاقة جلوبال و إستشاريين توليد الطاقة فى شركة كاتربيلار ..
ــــــــــــ
* كاتربيلار الشركة الصغيرة التى بدأت بفكرة بسيطة من بنجامين هولت و بمنتج واحد فقط هو الجرار الزراعى و تخدم دولة واحدة بل ولاية واحدة إن شئنا الدقة تحولت إلى شركة عملاقة لديها أكثر من 400 منتج و توزع منتجاتها فى 200 دولة حول العالم ..
– أصبحت تنتج ما لا يقل عن 180 ألف آلة سنوياً تستخدم فى تجميع أجزائهم 7 مليون كيلو جرام من أسلاك اللحام الفولاذية ..
– أصبحت مسئولة عن أعمال الصيانة لجميع السكك الحديدية الرئيسية فى أمريكا الشمالية ما يجعلها مسئولة عن صيانة أكثر من 100 ألف ميل من السكك الحديدية ..
– شاحناتها تنقل حوالى 50 % من صخور المحاجر حول العالم ..
– تنتج 225 ألف محرك شاحنة كل عام و هناك أكثر من 100 ألف محرك كاتربيلار يعمل فى أى وقت من السنة فى جميع أنحاء العالم ..
– حتى مع إنخفاض مبيعات الشركة فى 2016 إلا أن حجم مبيعاتها يعادل ثلثى إقتصاد دولة مثل بنما و يعادل 3 أضعاف إقتصاد نيكاراجوا تقريباً ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ