رفع الدعم و مصلحة محدودى الدخل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* تفنيداً للتصريح الدارج على لسان أى مسئول حكومى
( رفع الدعم يصب فى مصلحة المواطن محدود الدخل )
التصريح ده خلى كل المواطنين بإختلاف درجاتهم الإجتماعية مش فاهمين إزاى الدعم اللى هدفه الأساسى مساعدة محدودى الدخل لما يتشال يبقى فى نفس الوقت فى مصلحتهم .. هحاول أشرح الموضوع ببساطة و الله المستعان ..
* قبل أى حاجة عشان تفهم الإقتصاد ببساطة و تفهم إيه سبب الإجراءات اللى حكومتنا بتاخدها لازم تقرب الصورة لنفسك .. فى معضلة تاريخية فى موضوع الإقتصاد هى إن دايماً طريقة عرض المواضيع الإقتصادية بتصعب الأمور على القارىء العادى اللى بالطبع مبيفهمهاش أوى و عشان تفهمها لازم تتخيل الموضوع ..
* حاول تتخيل إن مصر هى شخص طبيعى زى أى واحد فينا .. و الإقتصاد ما هو إلا النشاط المالى اللى كل واحد فينا بيقوم بيه بشكل يومى فى حياته .. يعنى المرتب .. المكافآت .. الأكل .. الشرب .. اللبس .. التعليم .. الصحة .. يعنى الدخل اللى بيدخلك بكافة أنواعه و الإنفاق اللى إنت بتصرفه بكافة أنواعه برضه .. ده اللى بيحصل بالظبط لما الدولة بتيجى ترتب إيراداتها و مصروفاتها .. فى أخر كل سنة وزارة المالية بتعمل حاجة إسمها #الموازنة_العامة_للدولة .. ده مش موضوعنا طبعاً لكن كان لازم أوضحلك الصورة قدر الإمكان ..
* مصر دلوقت تعد دولة فقيرة و بغض النظر عن التاريخ اللى بيقول إن مصر كانت غنية إلا إن ده مش موضوعنا دلوقت .. إحنا بنحلل الوضع القائم حالياً و الللى بيقول إن مصر دولة فقيرة .. و مصر زيها زى أى دولة تانية ليها موارد و عليها إلتزامات و على مدار تاريخها – الحديث على الأقل – كانت إيراداتها مناسبة لمصروفاتها و رغم عدد سكانها الكبير مقارنة بالدول اللى حواليها إلا إننا كنا بنقدر نوفق أوضاعنا و نسيطر على العجز فى موازنتنا العامة أو بالمصطلح التقريبى لينا كأسر مصرية #ميزانية_الشهر ..
* سيطرتنا على عجز الموازنة فى الحدود الآمنة كان بسبب إن إيرادات السياحة و التصدير و إيرادات قناة السويس و تحويلات المصريين بالخارج كانت فى حالتها الطبيعية و لو أضفنا عليهم كمان بعض المشاريع و النشاطات الإنتاجية اللى كانت بتسند الإقتصاد نسبياً فده خلى جانب الإيرادات عندنا بحالة مش بطالة و شبه متوازنة مع جانب المصروفات اللى بند الأجور فيه مكانش كبير و فاتورة الإستيراد كانت أقل و كمان كنا ماسكين إيدينا نسبياً فى موضوع القروض و ده أتاح لينا إننا نعمل حاجة لطيفة جداً تشكر عليها الحكومات السابقة بصراحة .. إحنا فعلنا بند إسمه #الدعم ..
* الدعم معناه إن الدولة تساهم بجزء من إيرادتها فى تخفيض سعر الخدمات المقدمة للشعب .. يعنى حضرتك بدل ما تشترى كيلو وات الكهرباء بسعر 10 قروش مثلاً الدولة هتقولك لأ .. مساهمة منى معاك و عشان إنت ظروفك صعبة فأنا هدفعك 6 قروش و هدفع أنا الباقى و قيس على كده حاجات كتير أوى .. رغيف العيش .. المياه .. أنابيب البوتاجاز .. التعليم .. الصحة .. النقل و المواصلات .. و النقطة الأهم .. المحروقات .. يعنى البنزين بفئاته و السولار .. إلخ ..
* يعنى بمعنى أخر حضرتك كمواطن فى زمن سابق كنت بتقبض قليل أه لكن فى المقابل كنت بتعرف تاكل و تشرب و تلبس و تدفع فواتيرك و كل الكلام ده عشان الدولة كانت بتساعدك و بالتالى جانب إيراداتك كان مناسب لجانب مصروفاتك .. حالة عامة كانت ماشية على البلد باللى فيها .. طبعاً فى إستثناءات و كانت فى ناس ممعاهاش لكن الفروق كانت نسبياً مش بعيدة و كنت تقدر ببساطة تحدد الشرائح المجتمعية مادياً سواء طبقة غنية أو مرتفعة الدخل أو طبقة وسطى أو فقيرة أو تحت خط الفقر .. الموضوع كان واضح و كان كل واحد فينا عارف موقعه فين فى الشرائح دى .. دلوقت الموضوع مختلف تماماً و الطبقات كلها قربت من بعض لتحت ..
* الدولة مع الوقت و تحديداً بعد ثورة يناير بدأت إيرادتها تقل و إنفاقها مفضلش زى ما هو بالعكس ده زاد لإن الناس بعد الثورة بدأت تطالب بحقوقها المهدرة من سنين – أيوه مهدرة من سنين ما هو مش عشان قلتلك إن بند الدعم كان موجود يبقى الدنيا كانت وردى – فزادت فاتورة الأجور بشكل كبير و بدأت السلطة تصرف من الإحتياطيات لحد ما الموضوع بدأ يدخل فى الجد و الأرقام لا تبشر بخير و عجز الموازنة بتاعنا كان كل سنة بيزيد .. يعنى كنا قربنا جداً من حالة الإفلاس بالفعل و ده خلى جرس الإنذار يضرب عند الدائنين بتوعنا .. لو إحنا وقعنا هندخل بقى فى دوامة سداد الديون بالتقسيط و الجدولة و الفيلم الطويل ده اللى أخرته مش مفيدة لا لينا و لا للدائنين فكان لازم يتدخلوا لمساعدتنا لضمان إسترداد حقوقهم و ده كان دور صندوق النقد اللى كان من أبرز شروطه رفع الدعم عن المواطنين .. ليه ترفعه .. عشان تقدر توفر فلوس تسدد بيها ديونك .. واضحة جداً ..
* طبعاً هتحاول تقولى إن ضياع الإحتياطى له أسباب تانية غير الإنفاق الزايد و هتحاول تجرنى لرأى سياسى .. طبعاً فى قرارات إقتصادية غلط تماماً إتاخدت ساهمت فى إن الوضع يسوء بالشكل ده و على رأسها قرار إنشاء تفريعة قناة السويس اللى سحب جزء كبير جداً من الإحتياطى بتاعنا و فجأة لقينا نفسنا لا نملك عملة أجنبية .. طبعاً القرار إتاخد بدون دراسة كافية و كان السبب الأهم فى اللى وصلناله ده .. ده مش كلامى أنا ده كلام دكاترة إقتصاد على رأسهم #الدكتور_حازم_حسنى .. كده إنت فهمت يعنى إيه دعم .. فهمت أثره عليك كان إيه .. فهمت الحالة الإقتصادية اللى البلد عاشتها بعد ثورة يناير .. نربط ده إزاى مع المقولة الخالدة اللى ذكرناها فى الأول ؟
* الحقيقة التصريح الحكومى ده صحيح و مش كدب بس مش هيتم تطبيقه فعلياً على الأقل دلوقت و عشان تحس بأثره – ده فى حالة تطبيقه أساساً – مش هيبقى قبل 5 سنين على الأقل .. يعنى إيه ؟
– يعنى المسئول بيقول التصريح و هو عارف إن الدولة مديونة و عجز موازنتها كبير و بالتالى لازم تلغى العجز ده أو تقلله لأقصى درجة قبل ما تفكر إنها تدعمك بأى شيىء .. عشان تفهم أكتر هحاول أقربلك الصورة ..
– لو إنت – بعد الشر عن حضراتكم طبعاً – مديون و مصاريفك أكبر من دخلك فالطبيعى و المنطقى إنك تقلل مصاريفك و تزود دخلك ..
– إنت شلت الدعم اللى كنت بتقدمه لولادك و بالتالى مصاريفك قلت و ده هيوفرلك مبلغ مش بطال لكن فى المقابل إنت لازم تشتغل و تنتج أكتر عشان تقدر تحقق إيراد أكبر فتقدر تسدد ديونك بشكل أسرع و بالتالى وقت الأزمة يبقى أقصر ..
– تخيل بقى لو إنت مبتشتغلش و إيرادك مبيزيدش ساعتها موقف ولادك اللى إنت حرمتهم من المصروف هيبقى إيه ؟
– ينفع تديهم مصروف تانى – عشان يبقى الدعم فى مصلحتهم بجد – و لا لما تسدد اللى عليك الأول و تحقق إيراد كويس فعندها تعيد توزيع المصروف ده مرة تانية بس بشكل أصح ..
– بالتأكيد مش هتديهم ولا مليم لحد ما تسد اللى عليك .. هنا بس هيتحقق التصريح اللى كل المسئولين بلا إستثناء بيقولوه لما الدعم يعاد توزيعه تانى و توجيهه لمستحقيه من محدودى الدخل .. طب هل ده هيحصل فعلاً .. الله أعلم طبعاً ..
* كده إنت فهمت المقولة دى و عرفت إنها صحيحة بالفعل و لكنها مستحيل تطبق دلوقت .. أكيد إنت عاوز دليل على إنها مش بتطبق دلوقت بل بالعكس ده رفع الدعم مقصود بيه محدودى الدخل حصراً .. الدليل هجيبهولك من الزيادات اللى حصلت النهاردة ..
– من بين كل المحروقات اللى سعرها زاد النهاردة لا يخص الطبقة الغنية من المجتمع إلا بنزين 95 و لو كانت النية هى #مصلحة_المواطن_محدود_الدخل لكانت الزيادة تم تطبيقها على النوع ده بس و فضلت باقى الأنواع بنفس سعرها ..
– تعالوا نحسبها رقمياً لإن الأرقام بتوضح كل حاجة :
بنزين 80 :
ـــــــــــــــــ
زاد من 2.35 إلى 3.65 بزيادة قدرها 1.30 جنيه بنسبة زيادة 55.3 %
بنزين 92 :
ــــــــــــــــ
زاد من 3.50 إلى 5.00 بزيادة قدرها 1.50 جنيه بنسبة زيادة 42.8 %
السولار :
ـــــــــــــــ
زاد من 2.35 إلى 3.65 بزيادة قدرها 1.30 جنيه بنسبة زيادة 55.3 %
غاز السيارات :
ـــــــــــــــــــــــ
زاد من 1.60 إلى 2.00 بزيادة قدرها 40 قرش بنسبة زيادة 25 %
أسطوانة البوتاجاز :
ــــــــــــــــــــــــــــــ
زادت من 15 إلى 30 بزيادة قدرها 15 جنيه بنسبة زيادة 100 %
بنزين 95 :
ــــــــــــــــ
زاد من 6.25 إلى 6.60 بزيادة قدرها 35 قرش بنسبة زيادة 5.6 %
– النسبة القليلة ليها تفسير طبعاً .. ده له علاقة بإن بنزين 95 غير مشمول بالدعم بل بالعكس الدولة بتكسب من وراه فعلياً لأنها بتستورده فى حدود 5 جنيه و بتبيعه حالياً ب 6.60 جنيه و من مصلحتها إنها تقرب الأسعار بين الأنواع لتشجيع الناس على إستهلاك النوع الغير مدعوم و بالتالى يتحقق للدولة فوائض إضافية .. وجهة نظر طبعاً و لكن اللى تضرر من الزيادة فى النهاية هما محدودى الدخل دون غيرهم ..
* أخيراً وجب التنويه إن :
1 – رفع الدعم هيرفع الأسعار
2 – رفع الأسعار هيزود التضخم
3 – فالبنك المركزى يرفع الفائدة عشان يسيطر عليه
4 – زيادة الفائدة تضرب الإستثمار
5 – ضرب الإستثمار يقلل الإنتاج و يزود الإستيراد
6 – يحصل زيادة أسعار لنقص المعروض و للطلب على الدولار
7 – زيادة الأسعار ترفع التضخم فالبنك المركزى يزود الفايدة .. و هكذا ..
( إحنا تضخمنا ناتج من قلة الإنتاج مش من زيادة الطلب و مفيش حاجة هتخرجنا من وضعنا الحالى إلا زيادة الإنتاج .. غير كده فأى إجراء هيتاخد يعتبر مسكنات ليس أكثر )