زيادة معدل الفائدة .. أسبابها و نتائجها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* إمبارح البنك المركزى رفع سعر الفائدة على الإقراض و الإيداع بنسبة 2 % و بكده الفائدة على الإيداع وصلت ل 16.75 % و الفائدة على الإقراض وصلت ل 17.75 % و سعر الفائدة ده بيبقى مؤشر للبنوك عشان تتحرك فى ضوئه و اللى المفترض إنها متقلش عنه ..
* سعر الفائدة أهم عوامل السياسة النقدية اللى عن طريقها بتحاول الدولة السيطرة على معدلات التضخم و الركود عشان تفضل فى الحد الآمن و تحجم الآثار السلبية لكل منهما .. ممكن تعرف أكتر بخصوص النقطة دى عن طريق المقال ده http://cutt.us/4CjOz
ــــــــــــــــــــــــ
* إزاى تفهم الموضوع ببساطة ..
التضخم بيحصل بطريقتين :
( 1 ) لما السيولة تزيد فى السوق و ميكونش فى إنتاج يقابل السيولة دى فتبتدى الأسعار تزيد .. يعنى أنا و إنت و حضراتكم أجمعين يبقى معانا فلوس كتير فى جيوبنا و عاوزين نشترى بيها سلع و خدمات من السوق لكن السوق فعلياً مفيهوش السلع اللى تكفينا كلنا فيزيد الطلب على العرض و معاه يزيد سعر السلع بسبب ندرتها ..
( 2 ) إن الدولة تكون غير منتجة و محتاجة دولار بشكل دائم عشان تستورد إحتياجاتها من الخارج ثم يحصل أزمة فى كمية الدولار المتوفرة فى إيديها .. هنا بطبيعة الحال قيمة العملة المحلية بتقل مقارنة بالدولار و السلع بتقل لإن مفيش إنتاج و مفيش دولار عشان نستورد بيه و بالتالى سعر السلع هيزيد لنفس السبب و هو ندرتها ..
ــــــــــــــــــــــــ
* فى الحالتين أسعار السلع بتزيد و لكن :
– فى الحالة الأولى بيبقى بسبب زيادة الإستهلاك بشكل مبالغ فيه و بيطلق عليه مصطلح الإستهلاك الغير رشيد .. ده طبعاً بيحصل مع شعوب مستواها المعيشى عالى و معدلات دخلهم عالية .. يستهلكوا سلع كتير أكتر من المتوفر .. يزيد الطلب أكثر من العرض .. ترتفع الأسعار .. يزيد معدل التضخم ..
– فى الحالة الثانية بيحصل بسبب سوء إدارة للملف الإقتصادى و عدم توفير البيئة الصحيحة للإنتاج و الإستثمار .. فتبتدى المصانع تقفل و تقل السلع تدريجياً .. فنلجأ للإستيراد لسد العجز الحاصل فى السلع .. فتقل السيولة الدولارية .. فترتفع الأسعار .. فيزيد معدل التضخم ..
ــــــــــــــــــــــــ
* فى الحالة الأولى و اللى غالباً بتحصل فى دول عندها إقتصاد سليم بيتدخل البنك المركزى بالسياسات النقدية و المتمثلة هنا فى معدل الفائدة عشان يسيطر على التضخم .. فيرفع المعدل فالناس تبتدى تحسب العائد على الإدخار مقابل العائد على الإستثمار و تسأل نفسها سؤال مهم :
هل لو أنا حطيت فلوسى فى البنك أفضل و لا لو إستثمرتها بنفسى أفضل ؟!
و مع كل زيادة فى معدل الفائدة تميل كفة الإدخار أكتر و الناس تفضل إنها تحط فلوسها فى البنك .. فتقل السيولة فى إيد الناس .. فتتناسب مع كمية السلع فى السوق .. فتنخفض الأسعار نتيجة توازن العرض مع الطلب .. العكس صحيح طبعاً فى حالة الركود فيتدخل البنك المركزى بتخفيض سعر الفايدة فتتجه الناس لإستثمار فلوسها بنفسها .. يزيد الإنتاج .. فتزيد كمية السلع فى السوق .. و هكذا .. المهم إن فى الحالة دى الإقتصاد عشان على أساس سليم فالسوق بيستجيب للعلاج ده بالتدريج و مع الوقت كل حاجة بترجع لأصلها و الأزمة بتعدى ..
ــــــــــــــــــــــــ
* طيب هل معدل الفائدة لوحده كافى لتعديل وضعنا الحالى ؟
هنا بقى ييجى وجه الإعتراض على رفع معدل الفائدة لإن البنك المركزى بيتعامل معانا على إعتبار إننا ضمن الحالة الأولى فى الوقت اللى غالبية الشعب بالفعل مش معاه فلوس بالشكل اللى يخليه يدخرها فى البنوك ..
– إحنا نموذج للحالة الثانية لحدوث التضخم .. حصلت أزمة فى مواردنا الدولارية و إحنا دولة مستوردة فزادت الأسعار على الناس و حصل التضخم .. هنا مينفعش نعالج الحالتين بدواء واحد .. كل حالة و ليها علاجها .. و إن كان القرار اللى أخده البنك المركزى #أكاديمياً_صح إنما نتائجه فى الغالب مش هتجيب نتيجة مؤثرة فى حالتنا إن لم يكن سلبياتها هتكون أكبر .. إنت هنا كبنك مركزى مش محتاج تقلل السيولة مع الناس لإنها بالفعل قليلة .. إنت محتاج حلول بديلة ..
ــــــــــــــــــــــــ
* طب إيه الحلول اللى ممكن تنفع حالتنا الحالية ؟
أكتر من حل و أعتقد إنهم هيكونوا أفضل من رفع معدل الفائدة .. على سبيل المثال :
– تخصيص جزء من السيولة لإعطاء قروض بفوائد مخفضة أو بدون فوائد إن أمكن لفتح مشروعات صغيرة و متناهية الصغر مع الرقابة على نتائجها ..
– تخصيص جزء من السيولة لدعم المشروعات اللى بتستخدم مواد خام محلية مع الرقابة على نتائجها ..
– تخصيص جزء من السيولة لدعم أى فكرة جديدة توفر علينا الإستيراد من الخارج ( منتج جديد – إختراع – تبادل تجارى مع أى دولة بشروط مناسبة لحالتنا – إلخ )
– ترشيد الإنفاق الحكومى فى الوزارات و الهيئات و المصالح خاصة الخدمية منها و اللى لا يعود من ورائها بعائد إستثمارى ..
– إستخدام سياسة أخرى من السياسات النقدية و هى رفع الإحتياطى الإلزامى ( شرح النقطة دى ضمن المقال المذكور بالأعلى )
– فى حل تانى لكن إحنا بالفعل بنستخدمه و بشراهة و هو إصدار أذون خزانة و ده أثره فى الظروف العادية كويس لكن فى حالتنا إحنا هيزود الدين العام أكتر ماهو زايد ..
ــــــــــــــــــــــــ
* إيه هى إيجابيات و سلبيات القرار ده ؟
( 1 ) الإيجابيات :
ـــــــــــــــــــــــــــ
– فى الظروف الطبيعية قرار زى ده من شأنه إنه يظبط ميزان السيولة فى السوق اللى هتظبط بالتبعية ميزان العرض و الطلب و دى يمكن أهم إيجابية فى القرار ده ..
– الزيادة ممكن تكون حافز للإستثمارات الأجنبية فى الأوراق المالية – الأموال الساخنة – و ده ممكن يحصل فى حالة ثقة المستثمر الأجنبى فى الجنيه المصرى و ضمانه إن قيمة العملة مش هتنهار أمام الدولار فبيراهن على الجنيه و يدخل يشترى أوراق مالية بسعر رخيص و فوائد عالية و بعدين يبيعها لما السعر يرتفع مرة تانية .. العملية دى أنا مبحبهاش و لا أعتبرها إستثمار حقيقى لكنه يزال نوع من أنواع الإستثمار حتى لو كان قصير الأجل ..
(2 ) العيوب :
ـــــــــــــــــــــ
للأسف العيوب كتير و أثرها بيبقى أسوأ لما بتتم تحت ضغط زى ما احنا عملنا دلوقت .. و على سبيل المثال :
– إنصراف الناس عن الإستثمار لما يحمله من مخاطر و توجههم للإدخار ..
– كتير من الشركات ممكن تأجل خططها التوسعية بسبب تكلفة الإقتراض العالية و بالتالى ضعف قدرة البنوك على الإقراض و ده هيأثر على نسبة أرباح الشركات و البنوك على حد سواء ..
– كتير من الشركات الصغيرة مش هتقدر تواكب إرتفاع الأسعار المتوقع و ده هيدفها لإغلاق أبوابها و ده هيتبعه بالتأكيد تسريح عدد كبير من العمالة .. يعنى بطالة أكثر ..
– إرتفاع بند خدمة الديون الداخلية لإن أى أذون خزانة هتصدرها الدولة فى ظل المعدلات الحالية هتمثل عبء أكبر على موازنة الدولة لإن كل دى ديون لازم تتسدد ..
– رفع معدل الفائدة بيدى إشارة سلبية عن عدم قدرة الإقتصاد على التعافى بسهولة و ده من شأنه إنه يرفع بند خدمة الديون الخارجية .. يعنى ممكن القروض الخارجية اللى ناويين ناخدها تبقى بسعر فايدة أعلى من كده كمان ..
– فى حالة عدم الثقة فى الجنيه المصرى فده هيخلى المستثمر الأجنبى يتردد فى إستثمار أمواله فى السوق المصرى سواء إستثمار مباشر زى إقامة المشاريع أو حتى الإستثمار الغير مباشر زى الإستثمار فى البورصة و الأوراق المالية – الأموال الساخنة – زى ما قلنا .. و بكده يتحول زيادة معدل الفايدة من إيجابية زى ما ذكرت ضمن الإيجابيات إلى سلبية .. الأمر كله مرتبط بثقة المستثمر فى تعافى الجنيه فى أقرب وقت ..
– الإحتمال الأسوأ هو إن الناس تنصرف عن الإدخار من الأساس و تتجه لتحويل فلوسها إلى ذهب أو دولار أو أى أصول أخرى زى العقارات و الأراضى و السيارات و خلافه .. رفع سعر الفايدة هيمثل بالنسبة لهم إشارة سيئة عن حالة الإقتصاد فممكن يخافوا و يتخلصوا من الجنيه و يقتنوا بدلاً منه أى شيىء أخر يحفظلهم القيمة من وجهة نظرهم .. ده بالطبع هيخلق طلب على الأصول دى و هيرفع سعرها بما لا يتناسب مع قيمتها الحقيقية و ده اللى خلى السيد رئيس الوزراء خرج النهاردة بتصريح إن قرار رفع معدل الفائدة مؤقت و مرتبط بمعدل التضخم و النسب ستعود لحالتها الأولى بعد فترة من الزمن http://cutt.us/v4fF
ــــــــــــــــــــــــ
* أخيراً :
ـــــــــــــ
رفع سعر الفائدة شيىء طبيعى جداً فى حالة إرتفاع معدل التضخم و بتقوم بيه أعتى الدول و الإقتصاديات فى العالم عند وقت حدوث الأزمات .. لكن الإختلاف عندى فى توصيف الحالة و طرق علاجها .. الكلام ده ينفع مع الإقتصاديات المستقرة اللى لها أساس سليم أما فى حالتنا فإحنا محتاجين إجراءات غير نمطية و فيها بعض الإبداع و الثقة و الجرأة عشان نقدر نحفز السوق على الإنتاج .. القرار اللى إتاخد و على الرغم من إنه صحيح – على الورق – إلا إنه كان أكثر الحلول نمطية و أقلها إبداعاً ..
ربنا يصلح حال مصر و إقتصاد مصر و يهيىء لنا من لدنه رشداً ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ