خواطر إقتصادية مصرية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجزء الثانى :
ـــــــــــــــــــــ
* زى ما اتفقنا السلسلة دى هحاول أشرح فيها أى خواطر إقتصادية تيجى على بالى سواء جديدة أو قديمة يعنى بلا ترتيب زمنى لكن كلها تتعلق بالإقتصاد المصرى بالتأكيد .. هدفى منها هو توضيح الصورة الكاملة حسب فهمى الشخصى لطبيعة الخبر أو الإجراء أو الحدث أياً يكن مسماه لإن زى ما قلت فى ناس كتير بدأت تهتم بالإقتصاد لكنها فعلياً مش قادرة تفهم بعض المصطلحات اللى بتبقى مذكورة فى الأخبار أو بتكون مش مدركة مدى خطورة رقم معين تم ذكره أو نسبة معينة إلى أخر كل الحاجات المبهمة اللى بتبقى الأخبار الإقتصادية مليانة بيها فإن شاء الله فى السلسلة دى هحاول أوضح اللى ربنا يقدرنى عليه ..
* إخترت النهاردة موضوعين تم تداولهم مؤخراً هما بالترتيب :
– موضوع #الأموال_الساخنة أو ال #Hot_Money و ده مصطلح معروف من زمان طبعاً و لكن تم ذكره فى أخر لقاء لمحافظ البنك المركزى فى التلفزيون و شايف إنه مصطلح يستحق تسليط الضوء عليه ..
– موضوع إعادة تفعيل العقد مع شركة أرامكو السعودية و عودة ضخ المواد البترولية مرة تانية لمصر و أثر ده على سعر صرف الدولار ..
ــــــــــــــــــ
1 – الأموال الساخنة :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* فى فترة الثمانينات دول جنوب شرق آسيا كانت بدأت رحلة النمو و بدأت تندمج تدريجياً فى الإقتصاد العالمى و نتيجة لرغبتها فى النمو بسرعة إبتدت تدى حوافز للمستثمرين الآجانب عشان يستثمروا فى بلادهم فرفعوا نسب الفايدة عندهم على إعتبار إن ده هيجذب رؤوس الأموال الأجنبية و بحكم إنهم لم يكونوا إمتلكوا الخبرة الكافية فى إدارة رؤوس الأموال اللى تدفقت عليهم بسرعة فحصلت هزة كبيرة جداً وصلت لحد الإنهيار الإقتصادى عام 1997 و اللى بدأت فى تايلاند و بعدها الفلبين و سنغافورة و ماليزيا و إندونيسيا و غيرهم من دول جنوب شرق آسيا ..
* سبب الآزمة كان إنهم لم يملكوا الخبرة فى التعامل مع ما يسمى #الأموال_الساخنة و اللى كان بيقوم بإستثمارها مجموعة من المضاربين العالميين و أشهرهم هو المضارب مجرى الأصل و الأمريكى الجنسية #جورج_سوروس ..
* الأموال الساخنة بإختصار هى أموال لا تدخل ضمن الإستثمار المباشر فى الدولة يعنى مبيتبنيش بيها مصانع أو مشروعات فعلية على الأرض و مبيتوفرش عن طريقها فرص عمل يعنى مبتعملش تنمية حقيقية فى الدولة إنما بيتم توجيهها لشراء أوراق مالية قصيرة المدى مستفيدة من نسب الفايدة المرتفعة اللى بتقدمها الإقتصاديات النامية ..
* لما يبقى الإقتصاد ضعيف و ثقة المستثمرين فيه ضعيفة هى كمان المسئولين عنه بيبقوا مجبرين على تقديم إغراءات للمستثمرين لحثهم على الإستثمار فى الإقتصاد ده و إزالة خوفهم على أموالهم نسبياً إلا إن سعر الفايدة العالى ده بيجذب المضاربين أكتر من المستثمرين لإن المستثمر الحقيقى اللى ناوى يقعد فى الدولة دى لفترة طويلة بيهمه بالأساس إن نسبة الفايدة تبقى منخفضة مش عالية عشان يقلل تكلفة إقتراضه من البنوك مستقبلاً لتمويل مشروعه أما المضارب فهو بيتعامل بمنطق إحنا كمصريين عارفينه كويس إسمه #إخطف_و_إجرى يعنى هيدخل السوق يحقق أكبر إستفادة ممكنة و يخرج بأقصى سرعة و هو محقق نسب أرباح تكاد تكون خيالية و يسيب المسئولين و من وراهم الشعب يعانوا من آثار خروجهم المدمرة ..
* الأموال الساخنة ممكن تدخل عن طريقين :
– عن طريق شراء سندات صادرة من البنك المركزى بالدولار ..
– عن طريق إستثمار المبلغ فى الأوراق المالية و الخروج بأسرع وقت و أكبر ربح ..
* هضرب مثال بسيط للى ممكن يكون حصل فى مصر لتوضيح الصورة :
– مستثمر أجنبى أو بمعنى أصح مُضارب معاه 1000 دولار راح بدلهم بأعلى سعر وقت البيع و ده كان حوالى 20 جنيه يعنى أصبح معاه 20000 جنيه .. نتيجة لده توفر مع البنك المركزى سيولة دولارية كبيرة فى وقت قصير و بدأ يتعامل معاها نفس معاملة الإحتياطى النقدى و تم نشر الأخبار عن وصول الإحتياطى النقدى لرقم كذا و إشتغل الإعلام و بشر الشعب بإن الدولار هينخفض و يوصل ل 11 جنيه و كل الكلام اللى حضراتكم عارفينه فبالفعل نزل السعر و بغض النظر السعر نزل ليه و هل تم ضخ دولارات فى البنوك أو تم تخفيض السعر عمداً أو توفرت سيولة مع البنوك نتيجة بيع الأفراد المهم إن السعر نزل بالفعل بعد فترة و وصل لحد 15.80 جنيه للدولار ..
– المضارب بعد ما باع دولاراته بسعر 20 جنيه راح إشترى أوراق مالية فى البورصة المصرية و ده رفع مؤشراتها و خلاها تحقق أرباح كبيرة بسبب معدل شراء الأجانب الكبير جداً و اللى حصل فى فترة قصيرة جداً برضه ..
– بعد فترة المضارب ده عرف إن الدولار فى البنوك سعره نزل ل 15.80 و عندها قرر المضارب ده الخروج من البورصة بما حقق من أرباح بسبب صعود مؤشراتها و لنفترض إنه حقق أرباح 10 % بس يعنى خرج بمبلغ 22000 جنيه ..
– أخر خطوة عملها المضارب الأجنبى هو عكس العملية الأولى و قرر شراء دولار مرة تانية بس بسعر 15.80 يعنى 22000 /15.80 = 1390 دولار يعنى المستثمر الأجنبى كسب 390 دولار على رأس ماله اللى هو 1000 دولار فى أقصر فترة ممكنة و تخيل بقى كمية الأرباح للمضاربين فى مضاعفات ال 1000 دولار لحد ما توصل للمليارات ..
– الأرقام اللى فاتت تمثل أفضل ربح إستثمارى للمضارب لإنى طبقت المثال على أعلى سعر عند البيع و أقل سعر عند الشراء و ده مش بالضرورة يعمله كل المضاربين و طبيعى إن جزء منهم يبيع بأسعار مغايرة للى فى المثال و بالتالى نسبة الربح تقل عن المكتوب لكن كنت مضطر لكده عشان أوضح إن الأموال الساخنة بتكون آثارها مضرة جداً على الإقتصاد و لا يمكن إعتبارها جزء أصيل من الإحتياطى النقدى إلا فى حالة واحدة و هى إن إقتصادنا يكون مستقر و منتج و موارده من النقد الأجنبى لا تعتمد على نوعية الإستثمارات دى بشكل أساسى لإنها أولاً و أخيراً قروض و قروض قصيرة الأجل و سريعة الحركة كمان ..
2 – تفعيل عقد شركة أرامكو :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* من فترة أعلن وزير البترول المصرى طارق الملا عن عودة شركة أرامكو لتوريد شحناتها البترولية لمصر بعد فترة توقف وصلت إلى 5 شهور و قال إن ده كان بسبب أعمال الصيانة الدورية لمعامل تكرير البترول و كمان تخفيض إنتاجها العالمى بسبب أسعار البترول لكن التكهنات غير الرسمية قالت إن ده كان بسبب الخلاف السياسى اللى حصل بين مصر و السعودية بسبب تصويت مصر فى الأمم المتحدة على مشروع روسى يخص حلب السورية و برهنوا على صدق كلامهم إن أرامكو موقفتش إنتاجها لأى دولة أخرى بخلاف مصر و كمان مفيش صيانة دورية بتقعد 5 شهور من السنة .. المهم بغض النظر عن أساس المشكلة إيه اللى يهمنا هنا هو أثر عودة التوريد على سعر صرف الدولار ..
* تفاصيل الإتفاق هى توريد 700 ألف طن منتجات بتروليه لمدة 5 سنوات مقابل 23 مليار دولار بفترة سماح 3 أعوام و فترة سداد 15 عام بفائدة 2 % ..
تنقسم التوريدات إلى :
– 400 ألف طن سولار
– 200 ألف طن بنزين
– 100 ألف طن مازوت
* إتفاق زى ده و بالتسهيلات دى بلا شك هيقلل من الطلب على الدولار لإن الإتفاق زى ما هو واضح قائم على الدفع الآجل و لفترة طويلة كمان لكن نسبة تقليل الطلب على الدولار هتكون فى حدود الكمية المستوردة من أرامكو ..
* يعنى إحنا بالأساس بنحتاج 6 مليون طن محروقات كل شهر و السعودية بتورد 700 ألف طن بس يعنى نسبة 11.5 % من إحتياجاتنا الشهرية فاللى بيقول إن الإتفاق هيأثر على سعر صرف الدولار فهو بيبالغ بالتأكيد لإن زى ما قلنا إحنا بنتكلم عن تخفيض 11.5 % بس من بند واحد من إحتياجاتنا و إحنا لسه متكلمناش عن السلع الإستراتيجية و قطع الغيار الأساسية و ده بخلاف الكماليات و الرفاهيات اللى لازالت شريحة من المجتمع محتاجاها و قادرة على شرائها ..
* يا جماعة مصر بتستورد سنوياً محروقات فى حدود ال 10 مليار دولار و تخفيض 11.5 % فقط هيخفض الطلب على الدولار بحوالى 1.15 مليار دولار لمدة 3 سنوات و بعدها هنبتدى ندفع المبالغ دى تانى و لكن بفوائد 2 % كمان يعنى كل اللى عملناه إننا بنأجل تفاقم المشكلة لبعدين عشان الحكومة الحالية يهمها بالمقام الأول إنها تقول إن الدنيا ماشية تمام و الناس عايشة و الكهرباء موجودة و البنزين موجود و الأكل موجود رغم إن كل ده ماشى بالديون و فوائدها و لما المسئولين دول يمشوا اللى ييجى وراهم بقى هو اللى يحل الأزمات دى كلها و يتحمل نتائج إتفاقاتهم و قروضهم و ديونهم اللى تعاقدوا عليها و هيكون مسئول عن سدادها أجيال تانية اللى هما إحنا و أولادنا و يمكن أحفادنا كمان ..
* نقطة أخيرة و دى برضه بخصوص سعر الصرف ..
– إعادة توريد أرامكوا للشحنات البترولية هيخفض فعلاً طلبنا على الدولار بما قيمته 1.15 مليار دولار سنوياً و لمدة 3 سنوات بس لكن هل حد حط فى إعتباره الإتفاق البترولى بين مصر و العراق على توريد مليون برميل نفط سنوياً بتكلفة تصل إلى 650 مليون دولار ؟
– ده معناه إننا أجلنا سداد 1.15 مليار دولار و لكن فى نفس الوقت زودنا وارداتنا ب 650 مليون دولار من السنة دى و ده هيثبت سعر صرف الدولار أو هيزوده بالتدريج مش هيخفضه أبداً خصوصاً إننا بنتكلم عن بند واحد فقط من إجمالى وارداتنا اللى قيمتها حوالى 80 مليار دولار ..
– اللى بيحصل هو إن الحكومة بتحاول تلاقى حلول قصيرة الأجل حتى لو مكلفة و حتى لو هترفع سقف الديون على أمل إن حلولها طويلة الأجل تجيب نتيجة و الوضع العام يتحسن و رغم إنى من معارضى الديون إلا إنى معنديش مانع فى ده و بقول يمكن الظروف أجبرتنا على كده لكن عندى إستفسار صغير جداً و بكل أسف ملقتلوش إجابة فى تصريحات كل المسئولين بلا إستثناء هو ..
( ماذا لو لم تأتى الحلول طويلة الأجل بما هو مرجو منها .. ماذا سيكون العمل وقتها ؟ )
مصادر :
ــــــــــــ