ضريبة القيمة المضافة .. حلم أم كابوس ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* التعريف الأكاديمى للضريبة :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( هى ضريبة مركبة تفرض على فارق سعر التكلفة وسعر المبيع للسلع .. فهى ضريبة تفرض على تكلفة الإنتاج )
* وضع قواعدها الإقتصادى الفرنسى #موريس_لورييه عام 1953 و طبقت فعلياً عام 1954 ..
* ضريبة جديدة أثارت جدلاً واسعاً مثلها مثل سابقتها ضريبة المبيعات فحين تم إصدار قانون ضريبة المبيعات ثار نفس الجدل عن محدودى الدخل و مدى تأثرهم بها و للأسف لم يعير تلك النداءات أحد و أثرها طال بالفعل محدودى الدخل و الفقراء من وقتها إلى يومنا الحالى ..
الضريبة تعتبر بديلاً أكثر واقعية عن ضريبة المبيعات لها مزايا بالتأكيد و لها عيوب و لكن هناك أسئلة مهمة لابد لها من إجابة قبل التفكير فى المزايا و العيوب :
– لم هذا التوقيت بالذات لفرض الضريبة ؟ و ما علاقتها بقرض صندوق النقد ؟
– هل راعت الحكومة المصرية الأوضاع الإجتماعية قبل التفكير فى إقرارها ؟
– و إذا كان التطبيق لإقرار قانون أكثر واقعية و عدالة .. فلم زيادة نسبة الضريبة ؟
– و هل الآثار السلبية ستطول محدودى الدخل الفقط أم ستطول التجار و الحكومة من بعدهم ؟
– ما هو دور الأجهزة الرقابية فى تخفيف الأعباء عن الفئات المتضررة ؟
* ضريبة القيمة المضافة تعتبر بديل عن ضريبة المبيعات مش إضافة ليها يعنى العبء الضريبى مش هيزيد كتير ( على مستوى الأرقام ) لكن العبء غالباً هيكون أكبر ( على مستوى التطبيق ) و ده له أسباب و هشرحها بالتأكيد ..
* #ضريبة_القيمة_المضافة أو #Value_Added_Tax تطبق فى أغلب دول العالم و أوروبا بالكامل تقريباً بتطبقها فى المقابل فى دول بتطبق #ضريبة_المبيعات و أشهرهم أمريكا و كندا و الهند .. الفكرة مش فى نوع الضريبة قد ما فى آلية التطبيق و الرقابة عليها ..
– كيف تحسب ضريبة المبيعات ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الضريبة بتطبق على المستهلك النهائى بس يعنى مش التاجر هو اللى بيدفعها حتى لو إتنقلت السلعة دى بين أكتر من تاجر .
مثال :
ــــــــــ
– تاجر ( 1 ) هيستورد عدد 100 تليفون محمول بسعر 100 جنيه للتليفون يعنى إجمالى 10000 جنيه شاملة قيمة الجمارك و الدولة بتفرض ضريبة مبيعات 10 % يعنى يستحق للدولة مبلغ 10000 * 10 % = 1000 جنيه لكنها مش هتطالب تاجر ( 1 ) بالضريبة لإنه مقدم ضمن مستندات الإستيراد البطاقة الضريبية بتاعته و اللى مذكور فيها إنه تاجر و هيبيع الموبايلات دى ..
– تاجر ( 2 ) راح لتاجر ( 1 ) و طلب منه إنه يشترى منه الكمية كاملة فباعهاله بسعر 120 جنيه يعنى إجمالى 12000 جنيه فطبيعى إنه يحسب عليه ضريبة بمبلغ 1200 جنيه لكنه قدم لتاجر ( 1 ) البطاقة الضريبية اللى بتثبت إنه تاجر و هيبيع الموبايلات دى و بالتالى مش هيطالبه بقيمة الضريبة ..
– المستهلكين إشتروا كل الكمية من تاجر ( 2 ) بسعر 150 جنيه يعنى 15000 جنيه .. هنا بقى القانون ألزمه بإضافة الضريبة على سعر السلعة و بالتالى هيحسب عليهم ضريبة مبيعات بقيمة 1500 جنيه .. يبقى هنا المستهلك النهائى هو اللى تحمل قيمة ضريبة المبيعات لإن هو اللى هيستفيد بالمنتج لنفسه و مش هيتاجر فيه ..
طيب هل الدولة بالشكل ده ضمنت أكبر حصيلة ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ممكن بس فى حالة إن السلع المستوردة إتباعت ( بالكامل ) و بالتالى هتحصل ضريبة قيمتها 1500 جنيه و أى نقص فى نسبة البيع بطبيعة الحال هتقل بيها حصيلة الضرائب لإن الدولة ربطت تحصيل الضريبة بوصول المنتج للمستهلك .
كيف تحسب ضريبة القيمة المضافة ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* التطبيق على المثال السابق :
– نفس التاجر هيستورد نفس الكمية و بنفس السعر و الدولة بتفرض ضريبة قيمة مضافة بنسبة 13 % يعنى يستحق للدولة مبلغ 10000 * 13 % = 1300 و هنا التاجر هيكون ملزم بدفع الضريبة عشان يستلم بضاعته ..
– تاجر ( 2 ) راح لتاجر ( 1 ) و طلب منه إنه يشترى منه كل الكمية فباعهاله بسعر 120 جنيه يعنى إجمالى 12000 جنيه و هيحسب عليه ضريبة قيمة مضافة بنسبة 13 % يعنى 1560 جنيه ..
– المستهلكين إشتروا كل الكمية من تاجر ( 2 ) بسعر 150 جنيه يعنى 15000 جنيه و هيحسب عليهم ضريبة قيمة مضافة بنسبة 13 % يعنى 1950 جنيه ..
– هنا الدولة ضمنت إنها تجمع أكبر حصيلة لإنها مربطتش التحصيل بوصول المنتج ليد المستهلك و حصلت ضريبتها مع أول عملية بيع و بحسبة بسيطة فإن الدولة حصلت المبالغ الآتية :
1300 جنيه فى أول عملية + 1560 فى ثانى عملية + 1950 جنيه فى ثالث عمليه يعنى إجمالى 4810 جنيه .. لكن هل ده منطقى ؟
لأ طبعاً لإن كده الدولة حصلت إجمالى ضرايب 4810 جنيه على سلع بقيمة 10000 جنيه و ده مبلغ كبير جداً ..
الحقيقة القانون هنا منع الإزدواج الضريبى بعدم تحصيل ضريبة على ضريبة و عشان كده كل جهة منهم هتسوى مع مصلحة الضرائب بالطريقة دى :
– تاجر ( 1 ) لما باع التليفونات لتاجر ( 2 ) حصل منه ضرائب بقيمة 1560 جنيه لكن هو بالفعل كان مسدد لمصلحة الضرائب عند إستيراد التليفونات مبلغ 1300 جنيه يبقى المستحق لمصلحة الضرائب فى العملية دى مبلغ ( 1560 – 1300 ) يعنى 260 جنيه بس .
– المستهلكين لما إشتروا التليفونات من تاجر ( 2 ) هو حصل منهم ضرائب بقيمة 1950 جنيه لكن هو بالفعل كان مسدد لتاجر ( 1 ) عند شراء التليفونات مبلغ 1560 جنيه يبقى المستحق لمصلحة الضرائب فى العملية دى ( 1950 – 1560 ) يعنى 390 جنيه بس .
يبقى كده إجمالى اللى حصلته مصلحة الضرائب ( 1300 + 260 + 390 = 1950 جنيه اللى هو نفس المبلغ اللى المستهلكين دفعوه بالفعل فى الخطوة الأخيرة .. بس الميزة هنا إن المصلحة حصلت أكبر جزء من الضرائب فى أول عملية و بعد كده تسوى مع الممولين و تحصل منهم باقى الضرائب ..
* مزايا تطبيق الضريبة :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
– زيادة الحصيلة الضريبية بزيادة النسبة من 10 إلى 13 % كخطوة أولى ثم إلى 14 % فى العام الثانى للتطبيق كما أثير فى الفترة السابقة
– تقليل عجز الموازنة .
– تطبيق نظام فعال و واقعى بيضمن للدولة تجميع أكبر حصيلة ممكنة فى أقرب وقت ممكن .
* عيوب تطبيق الضريبة :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
– زيادة الأسعار بنسبة تقارب ال 5 % عن الأسعار الحالية مع زيادة نسبة التضخم بما يعادل 1.5 % و اللى نسبته الحالية 14 % و هى عالية بما فيه الكفاية .
– زيادة معدلات الفقر و هبوط مستوى الطبقى الوسطى و إنحدار أخر لطبقة محدودى الدخل و نزولهم تحت خط الفقر .
– زيادة معدلات الركود و قلة عمليات البيع و الشراء .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* لم هذا التوقيت بالذات لفرض الضريبة ؟ و ما علاقتها بقرض صندوق النقد ؟
معروف إن من شروط صندوق النقد لإقراض الدول هو تطبيقها لضريبة القيمة المضافة يمكن لواقعيتها و إستفادة الدولة منها بصورة أكبر و ده مفهوم طبعاً كل المطلوب بس هو الوضوح و الصراحة و إن الناس تحس إنها بتشارك فى بناء وطنها مش مفعول بيها بالشكل ده .
ــــــــــــــــــ
* هل راعت الحكومة المصرية الأوضاع الإجتماعية قبل التفكير فى إقرارها ؟
الواضح إنه لأ .. لإن لو النسبة كانت 10 % زى ما هى فى ضريبة المبيعات كان ماشى .. أما تحريك النسبة ل 13 % و بعدها 14 % بغرض تخفيض عجز الموازنة فده هيكون على حساب شعب بيئن أساساً من زيادة الأسعار كل يوم تقريباً فى الوقت اللى الدولة مبتاخدش أى خطوات من شأنها السيطرة على الأسعار ..
ــــــــــــــــــ
* هل الآثار السلبية ستطول محدودى الدخل فقط أم ستطول التجار و الحكومة من بعدهم ؟
– الآثار هتطول محدودى الدخل بشكل سريع جداً و ده بسبب التضخم اللى هيزيد و بالتالى قيمة الفلوس هتقل و الطبقة الوسطى اللى كانت بتشترى أساسيات و كماليات هتستغنى تدريجياً عن الكماليات و الطبقة الفقيرة اللى كانت بتشترى الأساسيات هتقرب أكتر من خط الفقر و هتلاقى صعوبة فى تأمين أساسيات حياتها و ده ملوش غير معنى واحد .. إنخفاض معدل الطلب ..
– من ناحية تانية التجار و المستوردين الأسعار هتزيد عليهم و بالتالى غصب عنهم هيقللوا الكميات اللى بيصنعوها أو بيستوردوها .. يمكن فى الأول هيمشوا بنفس المعدلات لكن مع إصطدامهم بالأمر الواقع و هو إن الناس ممعاهاش فلوس فهيكون بديهى جداً إنهم يقللوا كمياتهم خوفاً من ركود بضائعهم و ده ملوش غير معنى واحد .. إنخفاض معدل العرض ..
– بعد إنخفاض الطلب و إنخفاض العرض الحالة الإقتصادية يبقى فيها شبه جمود .. مفيش بيع و شراء و ده أصلاً الناس حاساه دلوقت فما بالك بعد زيادة الأعباء .. و بما إن مفيش بيع و شراء يبقى مفيش مكاسب و بما إن مفيش مكاسب يبقى مفيش ضرائب و بالتالى الحكومة هتتأثر طبعاً بقلة الحصيلة اللى هى زودت الأعباء أساساً لزيادتها ..
ــــــــــــــــــ
* ما هو دور الأجهزة الرقابية فى تخفيف الأعباء عن الفئات المتضررة ؟
لما قلنا إن الأسعار هتزيد بمعدل 5 % مع التطبيق الفعلى للضريبة كنا بنتكلم على أساس المنطق يعنى زيادة 3 % فى نسبة الضريبة مع إضافة أرباح المستوردين و الوسطاء و تجار التجزئة يبقى النسبة طبيعى إنها توصل ل 5 % ..
فما بالنا لو حسبنا ضعف الرقابة و غياب ضمير كتير من المتعاملين فى السوق و بالتالى زيادة جزافية فى الأسعار و الحجة أصبحت موجودة .. الدولار بيزيد و الضرائب كمان بتزيد و السلع بتجيلنا غالية إلى أخر الحجج الجاهزة لتبرير موقفهم و بكل أسف ضعف الرقابة على الأسعار هيفاقم المشكلة بشكل بشع و الأسعار هتزيد بأكتر من النسب المتوقعة من خبراء وزارة المالية ..
ـــــــــــــــــــ
* هل يوجد أى بديل للضرائب لسد عجز الموازنة ؟
طبعاً و المساحة لا تكفى لذكرها و على سبيل المثال :
– تطبيق الحد الأدنى و الأقصى للأجور .
– تطبيق سياسات ضريبية عادلة و تصاعدية .
– ربط معدلات الزيادة فى الأجور بالإنتاج و جودته .
– إحالة آلاف المستشارين أصحاب الدخول العالية جداً للتقاعد و إعطاء الفرصة للجيل الذى يليهم .
– خصخصة الشركات الحكومية الخاسرة و بالتالى تقليل الأعباء من على كاهل الدولة .
أخيراً :
ــــــــــ
* القانون لسه لم يقر بشكل رسمى و إن كانت المسألة مسألة وقت و لسه بنوده بتناقش و لسه متمش الثبات على النسب بشكل نهائى لكن أنا بتكلم بناءاً على ما تداول على لسان المسئولين فى وزارة المالية و نأمل أن يعاد النظر فى التوسع فى إخضاع كثير من السلع و الخدمات للضريبة مع إعادة النظر فى النسب لتأثيرها المباشر فى حياة محدودى الدخل أكثر الفئات تضرراً ..
* قد يكون تطبيق الضريبة أوقع للإقتصاد و أفضل على مستوى الحصيلة و هو ما يمثل حلماً لحكومة إعتادت على عدم مواجهة نفسها بمشاكلها و بالتالى إلقاء كل العب على أكتاف الشعب و لكنه فى نفس الوقت يمثل كابوساً رهيباً لمن أصبح يلاقى صعوبة فى تدبير إحتياجاته الأساسية بعد أن تخلى عن الكماليات منذ فترة ليست بالقليلة .
مراجع :
ــــــــــــ