الرأسمالية أو الإشتراكية .. أيهما أفضل ؟

by author page

0 comments مقالات متنوعة

الرأسمالية و الإشتراكية .. أيهما أفضل ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

– فى البداية سأطلب منك طلبين و أرجو منك أن تقبلهم ..

* حاول أن تعود بمخيلتك لفترة القرون الوسطى فى أوروبا و تخيل الوضع المجتمعى فيها ..

هناك الملوك و السلاطين و لا شك ..

و هناك الوزراء و القادة بالتأكيد ..

و هناك علية القوم و أصحاب الثروة ..

و هناك بكل تأكيد الفقراء و العبيد ..

* بما إنك تخيلت الوضع فإليك طلبى الثانى و هو أن تجيب على تساؤلى القادم ..

– ما هى فرصة الفقراء و العبيد فى الترقى فى السلم الإجتماعى و أن يكونوا ضمن الثلاث فئات العليا ؟

سأترك الإجابة لمخيلتك و لكن الواقع أثبت أن تلك النسبة تقترب من ( صفر ) و من أجل ذلك الصفر صارت أوروبا القديمة و حتى أمريكا بعد إكتشافها فى حالة شد و جذب و صراع دائم من أجل الوصول لحل يستطيع تقريب تلك الفوارق بين فئات الشعب و ذلك الحل كان #الرأسمالية .

– التعريف الأكاديمى للرأسمالية هو نظام إقتصادى يقوم على الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج و خلق السلع و الخدمات من أجل الربح .

بمعنى إنه نظام حر بيسمح لكل الناس بتملك أدوات إنتاج و إفتتاح مشاريعهم الخاصة و بالتالى تحقيق أرباح و بكده يتحقق مبدأ المساواة فى فرص الترقى إجتماعياً لإن مؤسسى النظام الرأسمالى إفترضوا إن حافز الربح سيكون كافى لإستمرار عجلة الإقتصاد و عدم توقفها ..

– النظام الرأسمالى لا ينص فقط على حرية التملك و لكن له شروط أخرى مثل :

* حرية السوق نفسه و عدم تدخل الدولة بأى شكل فى السوق إلا بمنع ما يخالف القانون ..

* توفير عامل الأمان و الحماية لرؤوس الأموال ..

* إعلاء مبدأ العرض و الطلب و عدم التدخل لتسعير أى منتج أو أى عملة ..

* إعلاء مبدأ المنافسة إعتماداً على مبدأ السوق الحر ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

– بما إن الرأسمالية هدفها كان نبيل بهذا الشكل فلم كل تلك الأزمات المالية التى نسمع بها فى دول تطبق بالفعل النظام الرأسمالى .. ما هى عيوب ذلك النظام ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

– #دعه_يعمل_دعه_يمر جملة قالها #Adam_Smith صاحب كتاب #The_Wealth_Of_Nations و الذى يصنف كأحد أفضل الكتب الإقتصادية فى العصر الحديث و كان يقصد بها تسهيل حركة العمل و عدم فرض القيود عليها لكن مع الوقت تبنى أصحاب الذمم الفاسدة تلك المقولة و جعلوها مبرراً لفسادهم فصارت الرشاوى و شراء الذمم عادية تحت مسمى تسهيل عملية الإنتاج و تسيير عجلة الإقتصاد .

– الرأسمالية من الممكن أن تنجح فى مجتمع إقتصادى قوى بالفعل لديه قدرة رقابية على الفساد و لكنها تكون نقمة على المجتمعات النامية أو التى نسبة الفساد فيها عالية لأنه و كنتيجة طبيعية لا تستطيع الدولة منع الإحتكار مثلاً و بالتالى تتركز رؤوس الأموال فى يد الأغنياء و معها يحدث سوء توزيع فى الثروة و يزداد الفقير فقراً و يزداد الغنى غناً .

– الرأسمالية تهدف للربح و الربح فقط دون أى بعد إجتماعى و معها صار الربح غاية أسمى من أشياء مثل حقوق العمال .. الأجور .. التأمينات .. توفير الأمان للعمال .. فصار مجهود العمال يترجم لأرقام كبيرة و لكن فى جيوب الأغنياء فقط .

– الرأسماليين غالباً لا ينظرون أن يكون منتجهم مفيد لمجتمعهم قدر ما ينظرون أن يكون منتجهم مربحاً فمثلاً صناعة الغزل و النسيج مربحة و مفيدة للمجتمع و للوطن ككل و لكن إستيراد الأجهزة الكهربائية مثلاً أكثر ربحاً و أقل ضغوطاً .. و هنا يختار المستثمر الرأسمالى الأسهل و الأربح بالنسبة له ( إتفقنا أنه لا توجد قيود أو ضغوط حكومية على المستثمرين أو السوق )

– تخفيف الأعباء الإقتصادية على الدولة جعلها لا تفكر سوى فى نصيبها من أرباح الرأسماليين ( ضرائب – جمارك – رسوم ) دون النظر إلى البعد الإجتماعى و تحكم الرأسماليين فى أفراد شعبها .. يحاولون تقليل الفجوة بالتأكيد لكنهم فى النهاية لا يستطيعون منع الرأسماليين من أحد حقوقهم فهم غير مجرمون فى النهاية ..

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

– على الجانب الأخر هناك نظام مضاد للرأسمالية .. نظام هدفه البحث عن حل لمشكلة تراكم الثروة فى يد فئة قليلة دون باقى المجتمع .. هذا النظام إسمه #الإشتراكية .

– التعريف الأكاديمى للإشتراكية هو نظام اقتصادي يمتاز بالملكية الجماعية لوسائل الإنتاج و الإدارة التعاونية للاقتصاد .

بمعنى أن تكون موارد المجتمع ملكاً لأبنائه و ناتج تشغيل تلك الموارد يوزع على أصحاب الحق و هم أبناء الشعب و أصحاب هذا المبدأ إفترضوا أن توزيع الربح بالتساوى و تحقيق مبدأ العدالة بين الشعب سيكون الحافز للإنتاج أكثر و الربح أكثر .

– النظام الإشتراكى نظام له مفردات كثيرة و شروط مثل :

* مشاركة الثروة و أدوات الإنتاج و الربح و إيرادات الضرائب إلى أخره ..

* نظام عموده الفقرى العدل و المساواة بين كل فئات الشعب مع التوزيع العادل للثروة و تحرر العمال من سطوة رجال الأعمال ..

* توسيع دائرة القائمين على العملية الإقتصادية بشرط توزيع الناتج النهائى على قدر مساهمة كل فرد فى المجتمع فى الإنتاج ..

* مركزية التخطيط الإقتصادى يجب أن تكون تحت يد جهات إشتراكية حتى و إن كان المجتمع رأسمالى فالمهم عدالة التوزيع ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

– هدف نبيل أخر هنا .. يالكثرة الأهداف النبيلة و يالقلة أثر تلك الأهداف على مستحقيها فالشعارات جميلة و لا شك و لكن فى حالة تطبيقها فعلياً ..

إذاً ما سبب تراجع النظم الإشتراكية فى العالم .. ما هى عيوب هذا النظام ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

– إتفقنا أن تكون أدوات الإنتاج ملكاً للشعب و أرباحها أيضاً ملكاً للشعب .. فمن يقوم بعملية إدارة تلك الأدوات و توزيع فوائض أرباحها ؟!!

أول أسباب التراجع هو الغلو فى التنفيذ و التوجه للنموذج الأكثر تشدداً و هو #الشيوعية لأن الإشتراكية تقبل التعامل مع المجتمع الرأسمالى و تسمح بتعدد جهات إدارة النشاط الإقتصادى فى حين أن من طبقوا الإشتراكية رغبوا بتفرد الدولة فقط و لا شيىء غيرها فى إدارة الموارد و توزيع نواتجها على الشعب ..

– بعد أن تمسك الدولة و على رأسها نظامها الحاكم و الحكومة بكل خيوط العملية الإقتصادية فى العادة يحدث الأسوأ .. فالرتابة و البيروقراطية و مركزية إتخاذ القرار تضرب كل شيىء فى الإقتصاد و يصيبه البطء و العجز فى الإنتاج .

– يميل النظام الشيوعى إلى أهل الثقة لا أهل الخبرة و هو ما يصيب كيانات الدولة فى كثير من الأحيان بسوء الإدارة و ضعف النتائج ..

– سوء تطبيق النظام الإشتراكى أو الشيوعى لم يفد العمال الذين اشتكوا من الرأسمالية بحكم أنهم كانوا يعملون بأجر لدى الرأسمالى المستغل فإذا بهم يعملون بأجر أيضاً و لكن لدى الدولة دون تغيير حقيقى فى مستوى معيشتهم .

– التعامل بقسوة ضد كل من يحاول كسر الحلقة المفرغة للنظام الإشتراكى و الشيوعى فالدولة تتحكم فى كل شيىء .. الأجور .. التأمينات .. النقابات .. رأس المال .. الأرباح .. الميزانيات .. و لا توجد أدنى فرصة للإعتراض على تصرفات القائمين بالإدارة فيفقد المواطن حينها حريته تماماً و من يعترض فمصيره السجن أو يلحقه الأذى فى عمله على أقل تقدير .

الخلاصة :
ـــــــــــــــ

– الرأسمالية #Capitalism أو الإشتراكية #Socialism أو حتى أختها الشيوعية #Communism لهم مزايا و لهم عيوب لكن أكبر عيب مشترك فيهم كلهم هو إفتراض مبتكر تلك الأنظمة حسن إدارة القائمين عليها و عدم التفكير و لو للحظة فى الضعف البشرى و الجشع و حب السيطرة الملازم للإنسان حين تتوفر فى يده الثروة و السلطة ..

* ففى الرأسمالية مثلاً تناسى أصحاب التوجة الرأسمالى تماماً جشع المستثمرين الرأسماليين لأن وضع الربح كمعيار اول للنظرية جعل المستثمر يفكر فى شيىء واحد .. كيف أنمى أرباحى ؟ و لكى ينمى أرباحه فتوجب عليه بالتبعية تقليل إنفاقه مما أدى لتخفيض الأجور و زيادة ساعات العمل و تقليل العمالة مما أدى لزيادة البطالة فتضررت غالبية الشعوب و إستأثر بمزايا النظام قلة قليلة ..

* و فى الإشتراكية تناسى أصحاب التوجه الإشتراكى شهوة السلطة و حب التملك لدى القائمين عليها لأن وضع معيار التوزيع العادل للثروة شبه مستحيل طالما لم توجد جهة واحدة مسيطرة على عملية التوزيع تلك و بالتالى تتصدر الدولة المشهد و معها يتصدر الحاكم المشهد بصورة أكبر سواء كان عادلاً أو ظالماً و هو ما يؤدى إلى تمركز رؤوس الأموال و أدوات الإنتاج و أرباحها فى يد شخص أو مجموعة تتحكم فى كل شيىء فتتضرر غالبية الشعوب أيضاً و يستأثر بمزايا النظام قلة قليلة ..

الرأسمالية و الإشتراكية قد تكون أنظمة جيدة و لكن بإفتراض أن من يقومون بتطبيقها ملائكة ..

* هناك دولاً أوروبية حاولت المزج بين النظامين فأصبح نظامها رأسمالى موجه أو ديموقراطية إشتراكية مثل ألمانيا و السويد و الدانمارك و النرويج و فنلندا .. دول مثل تلك إقتصادها مستقر و دخلها جيد و عدد سكانها قليل نسبياً فبالتالى يتم توزيع الفائض بصورة عادلة فى صورة أجور و خدمات عامة و رعاية صحية و طرق و مواصلات محترمة و حقوق عمال منصوص عليها بنص القانون مع التطبيق الصارم لذلك القانون فأخذوا من كل نظام مزاياه فأصبحوا ما هم عليه الآن ..

* إذا كانت الرأسمالية و الإشتراكية و الشيوعية أنظمة لها مزايا و لها عيوب و التجربة أثبتت أن عيوبهم مؤثرة و مضرة على القطاع الأكبر من الشعوب فما النظام الإقتصادى الفريد الذى يضمن سهولة حركة رؤوس الأموال مع ضمان حقوق المستثمرين فى ربحهم و ضمان حقوق العمال فى عائد جيد يحييهم حياة كريمة و يضمن مستقبلهم و يضمن عدم الإحتكار و يجرمه و يراعى حقوق المستهلكين و يمنع الغش و التلاعب .. أين يوجد هذا النظام الفذ الذى لا يوجد به عيوب ؟

أعتقد أن النظام الرأسمالى ليس سيئاً بالشكل الذى يتصوره البعض و إذا أضفنا عليه المعايير الأخلاقية مع إلتزام المستثمرين و العاملين بالأمانة فى التعامل و بتعاليم رب العباد فسيكون عندنا نموذج إقتصادى ممتاز و هو ما يطلق عليه البعض إصطلاحاً #الإقتصاد_الإسلامى و للحديث بقية إن شاء الله ..

مراجع :
ــــــــــــ