الحرية أم السيطرة .. أيهما أفضل للشعوب

* الحمد لله ربنا يسرلى و قدرت أكتب الجزء الرابع من سلسلة الديكتاتورية و للى مقراش منها و لا جزء فالسلسلة دى أنا بحكى فيها عن حكام ديكتاتوريين ظلموا شعوبهم و تميزت عهودهم بالدموية و القمع إلى أخره .. بدون التركيز على مرحلة زمنية معينة أو حتى دولة أو قارة معينة .. النماذج كتير و التاريخ مليان ..

* فى الجزء الرابع ذكرت لأول مرة حكام عرب و اخترت منهم إتنين على سبيل المثال لا الحصر ( صدام حسين و معمر القذافى ) و طبعاً كما هو حالنا فى السنين الأخيرة حصل إختلاف فى الرأى بحكم إن الحكام دول لهم محبين و مؤيدين و الحمد لله الإختلاف ده ظل فى حدود الإختلاف الحميد و فى إطار من الإحترام و الأدب ..

* السادة الأفاضل اللى اختلفوا معايا إختلفوا على أرقام الضحايا و لم يختلفوا على الأحداث نفسها و على الرغم من حبهم لشخصيات صدام و القذافى فهما لم ينكروا حدوث الوقائع دى إلا إنهم حاولوا يقللوا من الأرقام بالإضافة لتبريرهم عمليات القتل و الإعدامات و التنكيل بالشعبين العراقى و الليبى على إعتبار إن اللى حصل ده كان فى إطار الحفاظ على الدولة و إن أحياناً الشدة و الحزم و لما لا القتل و الاعتقال و التعذيب بيكونوا ضرورة للحفاظ على كيان الدولة من الإنهيار ..

* الحقيقة دى إشكالية كبيرة و معضلة حلها صعب و الناس غالباً هتفضل مختلفة عليها :

– هل الحل فى العدل و الحرية المطلقة و نسيب الناس تقيم تجربتها بنفسها مع الوقت لحد ما يوصلوا لأفضل سبيل للتعايش مع بعض بدون دموية زى ما حصل فى فرنسا وقت الثورة الفرنسية و ما بعدها من مجازر و اعدامات و خراب لحد ما بقت فرنسا اللى احنا عارفينها دلوقت ..

– و لا نطبق الشدة و التضييق فى البلاد و على العباد حتى لو ده يشمل أساليب زى القتل و التعذيب و ما شابه زى النموذج الصينى أو الروسى دلوقت ..

* السادة الأفاضل من الواضح إنهم بيميلوا للحل الثانى و شايفين إن الإنسان عامة مينفعش يبقى حر فى المطلق و لازم تكون سلطة الدولة مسيطرة على تصرفاته .. أما أنا فأميل للحل الأول لإيمانى بإن الحرية حاجة أساسية تحتاجها النفس البشرية و اللى من غيرها لا يمكن لشخص أن يتطور و يبدع حتى لو تزامن مع الحرية دى بعض الإنفلات لإن الإنفلات ده لا يمكن أن يدوم بحكم إن النفس البشرية بطبعها تميل إلى الإستقرار ..

ــــــــــــــــــ

* الحجاج بن يوسف الثقفى والى العراق فى عهد الخليفة عبد الملك بن مروان و اللى كان بيعامل العراقيين أسوأ معاملة و كان بيصفهم بأسوأ الصفات و كان بيقتلهم بالشبهة استخدم الأساليب دى للحفاظ على الخلافة من التفكك و حفظها من البدع اللى كانت منتشرة وقتها فى العراق .. لما كان قائد جيش الأمويين قبل ما يحكم العراق راح لمكة عشان يحارب المعارضين لخلافة عبد الملك بن مروان و قتل عبد الله بن الزبير و صلبه فى الحرم المكى جنب الكعبة بل و زاد على كده إنه راح لوالدته أسماء بنت أبى بكر و قالها :

– هل رأيت ما فعلت بعبد الله ؟

فردت عليه و قالتله :

– ما رأيت إلا أن أفسدت عليه دنياه و أفسد عليك أخرتك ..

الحجاج قمع أهل العراق و قتل عبد الله بن الزبير للحفاظ على الخلافة من التفتت و الضياع و كان يرجو بهذا ثواب الله سبحانه و تعالى ..

* الحجاج كان حافظاً للقرءان و للحديث و قيل أنه كان حافظاً له من البداية للنهاية و من النهاية للبداية و كان يجزل العطاء لأهل القرءان و يحكم بأحكامه و لم يعرف عنه أبداً أنه تلطخ بالفروج أو بمال حرام و كل الإنتقادات اللى وجهت له كانت على إسرافه فى القتل و قتله لعدد كبير ممن شهد لهم بحسن السيرة مثل سعيد بن جبير على سبيل المثال و حتى بعد كل ده مات و هو يرجو غفران الله لما قال :

( اللهم اغفر لى فانهم زعموا أنك لا تفعل )

و لو إحنا هنقارن بين الحجاج اللى كان بيعمل ده كله بهدف الحفاظ على الخلافة و تقوية شوكة الإسلام و رفعة الدين من وجهة نظره و هو الحافظ للقرءان و بين بعض الحكام العرب و اللى منهم من لا يحفظ آية من القرءان و لا يعمل لرفعة دين و لا حتى استطاع الحفاظ على الدولة فكفة الحجاج ترجح و لا شك ..

* طب بما إن كفة الحجاج ترجح تعالوا نشوف و نقيم هل اللى عمله صح و لا غلط مع العلم إن اللى عمله بيدعم وجهة نظر أصحاب الحل الثانى اللى ذكرته فوق :

– عمر بن عبد العزيز اللى لقب بخامس الخلفاء الراشدين من فرط عدله قال على الحجاج إنه عدو الله على الرغم إنه أموى و إن اللى عمله الحجاج صب فى مصلحة الأمويين ..

– الإمام الذهبى قال فيه :

( كان ظلوماً جباراً خبيثاً سفاكاً للدماء و كان ذا شجاعة و إقدام و مكر و دهاء و فصاحة و بلاغة و تعظيم للقرآن .. إلى أن قال : فلا نسبه و لا نحبه .. بل نبغضه فى الله فإن ذلك من أوثق عرى الايمان و له حسنات مغمورة فى بحر ذنوبه و أمره إلى الله و له توحيد فى الجُملة و نظراء من ظلمة الجبابرة الأمراء )

نعته بالظلم و التجبر و الخبث و سفك الدماء و قال لا نسبه و لا نحبه بل نبغضه فى الله .. يعنى الحجاج بعد اللى عمله لصالح الدولة و الخلافة كان برضه ظلوم و متجبر و خبيث من وجهة نظر الإمام الذهبى و كان عدو الله من وجهة نظر الخليفة عمر بن عبد العزيز ..

* أخيراً و للتدليل على وجهة نظرى تعالوا نبصلها من زاوية تانية :

لو إحنا هنعذر الحجاج – بإفتراض إنه المثال الأجدر بالقياس عليه – على إسرافه فى القتل بحجة الحفاظ على الخلافة و بالتبعية نعذر صدام و القذافى و غيرهم على اللى عملوه لنفس الحجة فده يعتبر خطأ فظيع لإننا بكده بنبيح لأى حاكم ييجى فى المستقبل إستخدام نفس الأساليب و الحجة موجودة و جاهزة و كمان لإن ده بيثبت قاعدة شاذة للتعامل بين البشر تنافى الفطرة البشرية فى رفضها للظلم و القهر و تقييد الحرية بخلاف ذنب سفك الدماء خاصة لو كانت دماء حرام ..

ـــــــــــــــــــــ

– الخلافة أو الدولة أو المملكة أو السلطنة أو سمها كما تشاء جزء من الأرض ..

– و الأرض نفسها جزء من المجموعة الشمسية ..

– و المجموعة الشمسية جزء من المجرة ..

– و المجرة بأرضها و سمائها جزء من الدنيا ..

قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :

( لزوال الدنيا أهون على الله عز و جل من سفك دم مسلم بغير حق )

أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة فى الدماء ..

فها قد ذهبت الخلافة و بقى وزر الدم الحرام ..