دولة المرابطين ( جـ 3 )

دولة المرابطين :
ــــــــــــــــــــــــــ
الجزء الثالث :
ــــــــــــــــــــــ

الأمير أبو بكر بن عمر اللمتونى لما ولى يوسف بن تاشفين على ولايات المغرب كان فى نيته إن بقاؤه هيكون لفترة معينة و بعدين هيرجع تانى لمكانه .. الكلام ده حصل سنة 1065 و فى رواية تانية قالت 1067 .. فى الوقت ده بدأ يوسف بن تاشفين فى ترتيب أمور ولايات الشمال .. أكمل بناء مدينة مراكش و بنى فيها الحصن المعروف دلوقت بإسم ( قصر الحجر ) و نظم الأمور إدارياً بشكل كبير و بعد ما انتهى من الإجراءات دى إستكمل فتوحاته فى شمال المغرب .. واجه الزناتيين و بنى يفرن و المغراويين و انتصر عليهم و فتح مدينة فاس سنة 1069 و نظم أمورها و وسع سورها و بنى المساجد فيها و بعدها إستكمل فتوحاته لحد ما وصل على حدود مدينة طنجة فى شمال غرب المغرب .. فى الفترة دى المغرب كله تقريباً كان تحت سيطرة يوسف بن تاشفين ما عدا مدن الشريط الساحلى على البحر الأبيض المتوسط ..

بعد 5 سنين من سفره للجنوب و تحديداً سنة 1072 رجع الأمير أبو بكر بن عمر للمغرب بعد ما أصلح بين قبيلتى جُدالة و لمتونة و فوقيها قام بجولة فتوحات ناجحة فى إفريقيا .. رجع أبو بكر بن عمر فلقى شكل المغرب إتغير تماماً .. يوسف بن تاشفين غير وجه دولة المرابطين تماماً فى الشمال .. فتح المدن .. بنى الحصون .. بنى المساجد .. نشر الدين .. و على المستوى العسكرى جيشه وصل ل 100 ألف مقاتل بعد ما كان سايبهوله 7000 بس .. إستورد جنود من عبيد الأندلس و جهزهم بأحسن تجهيز ممكن .. عدد فرسان جيشه تضاعف بشكل ملحوظ بعد ما كان أغلبه من المشاة و الراجلين .. عندها حس أبو بكر بن عمر اللمتونى إن بقاء يوسف فى قيادة دولة المرابطين أمر واقع إن مكانش بسبب حسن إدارته فهيبقى بسبب قوة جيشه و تجهيزاته العسكرية و كان لازم قرار سريع .. يا إما يطالب بعودة ملكه مرة تانية يا إما يسيب الملك ليوسف بن تاشفين و يرجع تانى لقيادة فتوحاته فى الجنوب ..

ـــــ

القائد أبو بكر بن عمر اللمتونى كان صاحب دين و عمر ما كان هدفه الملك الدنيوى .. لما شاف بعينه نجاح يوسف بن تاشفين فى إدارة الدولة قرر إنه يسيب الحكم ليه طواعية عشان متتفرقش كلمة المسلمين بينهم و تنهار الدولة و بالتالى ترجع المنطقة تانى للفتن اللى كانت عايشة فيها .. خد قراره و طلب من يوسف بن تاشفين إنهم يجتمعوا و عندها قاله :

( يا يوسف .. أنت أخى و ابن عمى و لم أر مَن يقوم بأمر المغرب غيرك و لا أحق به منك .. و أنا لا غناء لى عن الصحراء .. و ما جئت إلا لأسلم الأمر إليك و أهادنك فى بلادك و أعود إلى الصحراء مقر إخواننا و محل سلطاننا )

ـــــ

عشان تعرف قيمة و عظمة خطوة زى اللى خدها القائد أبو بكر بن عمر لازم تعرف حجم إنجازه فى دول الجنوب .. اللى يسمع إنه ترك الملك ليوسف بن تاشفين لنجاحه فى إدارة الدولة يظن إنه فشل فى فتوحات إفريقيا أو إن نجاحه فى الجنوب أقل من اللى إتحقق فى الشمال على يد يوسف بن تاشفين و ده غير حقيقى بالمرة .. القائد ده عظيم جداً يا جماعة و الله .. عظيم لدرجة إن الواحد بيخجل إنه متذكرش عنه حرف فى مناهج التاريخ المدرسية طول مراحل الدراسة ..

فى فترة ال 5 سنين اللى غابهم فى الجنوب تمكن من إعادة تهيئة و تدعيم الجيش مرة تانية بعد ما أصلح بين جدالة و لمتونة و دول القبيلتين الرئيسيتين اللى بيتكون منهم جيش المرابطين .. فى الفترة دى فتح الله على إيده بلاد زى مالى و السنغال بالكامل و جامبيا و غينيا .. و بعد ما ساب الحكم ليوسف بن تاشفين ربنا سبحانه و تعالى مد فى عمره 15 سنة كمان إستطاع بفضل الله إنه يفتح فيهم بلاد النيجر و غينيا و سيراليون و ليبيريا و ساحل العاج و بوركينا فاسو و غانا و توجو و بنين و نيجيريا لحد ما وصل على حدود الكاميرون و إفريقيا الوسطى .. سكان غرب إفريقيا بالكامل فى الوقت ده دخلوا فى الإسلام أو ثبتوا على الدين بفضل فتوحات القائد أبو بكر بن عمر اللمتونى و لك أن تتخيل إن أى عبادة بيقوم بيها مسلم من الدول دى فى زماننا الحالى سواء صلاة أو صوم أو قيام أو زكاة أو حج فهتصب مباشرة فى ميزان القائد العظيم أبو بكر بن عمر و جيشه ..

جيوش أبو بكر بن عمر اللمتونى وصلت فى أحد المراحل إنها توصل ل 500 ألف مقاتل .. نصف مليون إنسان بيتحركوا بأمره و رغم كده مفكرش لحظه إنه يطالب بحكم بلاد الشمال اللى تركها طواعية لإبن عمه يوسف بن تاشفين .. فمحدش يظن إن التنازل ده كان لضعف أو لقلة حيلة و إنما كان لحسن تدبير يوسف و لقدرته أولاً و لصلاح نفس أبو بكر بن عمر ثانياً و لإعلاء كلمة الدين و عدم تفرقة المسلمين و تشتيت شملهم ثالثاً و ده يبينلك قيمة أبطال زى دول ..

رحمة الله على البطلين و جزاهم عن المسلمين خيراً ..

ـــــ

نرجع تانى ليوسف بن تاشفين اللى إنفراده بالحكم فى المغرب مخلاهوش يركن إلى الدنيا و قرر على طول إنه يستكمل جهاده و قدر إن يسيطر على مدينة تازة و بعدها سير الجيوش لمدينة طنجة أكبر مدن الشمال و نجح فعلاً فى دخولها و مكتفاش بكده و لكن سير الجيوش ناحية الشرق لفتح الشريط الساحلى على البحر الأبيض المتوسط اللى فيه مدن الحسيمة و الناظور و مليلية و بركان حالياً و مع كل تقدم ليه مكانش قدام الزناتيين إلا الهروب ناحية الشرق و فضلوا كده لحد ما دخلوا مدينة تلمسان فى غرب الجزائر .. يوسف بن تاشفين مش هيسيبهم و هيخرجهم من المدينة بعدين لكن فى الوقت ده كان فى حاجة أهم بالنسبة له .. ساحة جديدة للجهاد إتفتحت قدامه و اللى قرأ عن يوسف بن تاشفين هيعرف يعنى إيه جهاد بالنسبة له .. الأندلس .. رسالة من ملوك الطوائف فى الأندلس بيستغيثوا بيه للدفاع عنهم ضد ألفونس السادس ملك قشتالة و ليون ..

و عشان ندى للأندلس حقه فخلينا نركز على إنهيار الدولة الأموية و أسبابه فى الأندلس و نشأة الطوائف و حجم الصراعات وقتها و بعدها نتكلم عن نجدة يوسف بن تاشفين ليهم و ده طبعاً بخلاف نجاحه فى حسم معركة الزلاقة ..

كل ده إمتى ؟

فى الجزء الجاى إن شاء الله ..

ــــ