دولة المرابطين ( جـ 2 )

دولة المرابطين :
ـــــــــــــــــــــــــ
الجزء الثانى :
ـــــــــــــــــــــ

سنة 1056 و أثناء ما كان جيش المرابطين بيحقق إنتصارات على مملكة غانا و بيستعيد منها بعض الأراضى اللى سلبوها قبل كده إتوفى أمير الجيش يحيى بن عمر اللمتونى و تم إختيار أخوه أبو بكر بن عمر مكانه .. فى الوقت ده كان فى جندى فى جيش المرابطين أظهر نباهة و حسن تدبير .. جندى عمره وقتها قرب على الخمسين .. جندى إسمه يوسف بن تاشفين ..

يوسف بن تاشفين مكانش غريب على يحيى بن عمر أو حتى أخوه لإنه إبن عمهم و لكن بحكم إن الدولة كانت وليدة فكتير من أصحاب الكفاءات أخدت بعض الوقت عشان تاخد فرصتها .. كل ما تكسب معارك و تكسب أراضى بتبقى محتاج هيكل إدارى قوى يديرلك الأراضى اللى تحت سيطرتك .. عندها جت فرصة يوسف بن تاشفين .. برز أوى فى معركة إسمها الواحات لإنه كان قائد قلب جيش المرابطين و نجح فى حسم المعركة و المكافأة كانت تعيينه والى على مدينة سجلماسة فى وسط المغرب حالياً .. المهم الفتوحات إستمرت و بدأت أمارات القيادة تظهر على يوسف بن تاشفين و الإعتماد عليه بيزيد بالتدريج و ده له سبب منطقى إن يوسف كان بينجح نجاح باهر فى فتح المدن اللى بتقابله .. الدنيا كانت ماشية مع المرابطين زى الفل لحد ما حصلت حاجة عطلت التقدم ده شوية ..

ـــــ

المرابطين أساسهم مش من المغرب زى ما قلنا .. أصولهم ترجع لوسط موريتانيا .. يوسف بن تاشفين نفسه أشهر الروايات قالت إنه إتولد فى قبيلة لمتونة فى صحراء موريتانيا .. فى المنطقة دى عاشوا قبيلتين هما اللى شكلوا عماد الجيش بعد كده .. جُدالة و لمتونة .. ال 9 أفراد اللى شكلوا النواة الأولى لحركة المرابطين الدعوية كان 7 منهم من جدالة و 2 من لمتونة .. القبيلتين دول إختلفوا و بدأت بوادر الشقاق تظهر بينهم .. ليه ؟ .. لإن قادة الحركة و بعدين قادة الجيش كانوا من جدالة و مع إنتقال القيادة ليحيى بن عمر اللمتونى و من بعده أبو بكر بن عمر اللمتونى و بزوغ نجم يوسف بن تاشفين و هو من لمتونة برضه بدأ المنتمين لجدالة يحسوا بالتهميش و ده أدى لخلافات كانت ممكن تأدى لقتالهم و بالتالى تنهار الدولة اللى لسه بتقول يا هادى .. عندها تدخل القائد أبو بكر بن عمر و قرر إنه يرجع تانى لمناطق الجنوب عشان يحل الخلاف ده و ساب قيادة فتوحات المغرب ليوسف بن تاشفين و ساب معاه نص الجيش و فى روايات قالت الثلث بس ..

رجوع أبو بكر بن عمر للجنوب حل مشكلة الخلاف بالفعل و إتوحدت الجهود مرة تانية و تم إستكمال الفتوحات فى الجنوب بنجاح .. فى الناحية التانية إستكمل يوسف بن تاشفين فتوحات المغرب بنجاح باهر الحقيقة .. مفيش قبيلة قدرت تقف قصاده مهما كانت قوتها .. إنتصر على مغراوة و دول كانوا مسلمين سنة و لكن إنتشر بينهم كثير من المنكرات .. غناء و معازف و لهو و ضرايب بتفرض على أهل البلد و فقر أصاب الناس و خلاهم يكرهوا حكامهم .. إنتصر على زناتة و دى قبيلة مشهورة جداً فى المغرب العربى و اللى منهم بالمناسبة الزناتى خليفة ملك تونس اللى ذكرته السيرة الشعبية بتاعة أبو زيد الهلالى .. هزم أيضاً بنى يفرن و دول قبائل أمازيجية عاشت فى دول المغرب الإسلامى و يوسف بن تاشفين هزم الفرع الموجود فى المغرب .. المهم إن الراجل مسابش حد و سلطانه كل يوم كان بيزيد لحد ما دخلت سنة 1064 و أبو بكر بن عمر قرر إن يرجع تانى للمغرب ..

ـــــ

هنا بقى فى روايتين :

الأولى بتقول إن يوسف بن تاشفين بعد ما اتفتحت على إيده مساحة كبيرة من الأرض قرر إنه ميتنازلش عن ملكه و بالتالى أظهر تمرده على أبو بكر بن عمر و عامله ببعض الغرور و إستقوى بالجنود اللى تحت إمرته و دول كانوا نص الجيش تقريباً و عشان كده أبو بكر بن عمر قرر إنه يؤثر السلامة و يترك ليه قيادة الدولة و رجع تانى لقيادة فتوحات الجنوب .. الحقيقة الرواية دى أنا مش مصدقها أوى مش علشان بتشكك فى نزاهة و أخلاق يوسف بن تاشفين و لكن لإن الشخصين كان معروف عنهم التقوى و الزهد و القتال لرفع راية الدين و بالتالى صعب جداً تصديق رواية زى دى عن شخصيتين بالصفات دى خاصة يوسف بن تاشفين اللى كان على قناعة تامة بأحقية أبو بكر بن عمر فى قيادة الدولة ..

الرواية التانية بتقول إن أبو بكر بن عمر لما رجع للمغرب لقى إن ملك يوسف توطد و بقى له أتباع كتير و نجاحاته باهرة فقرر إنه يترك له الحكم طواعية خاصة إن الدولة توسعت و إبتعاد كبار القادة عن الجنوب اللى هو منبت الحركة و أصل الدولة ممكن يسبب خلل و يطمع الأعداء بالتوغل فى حدودها الجنوبية .. كمان هو كان بيميل لفتوحات إفريقيا لإنها أقرب لطبيعته الشخصية و أقرب فى المكان لمنشأه .. المهم إن الرواية بتقول إنه تنازل عن القيادة طواعية ليوسف بن تاشفين فجمع أهل الحل و العقد و قادة الدولة و أشهدهم فى سنة 1065 إنه ترك الحكم ليوسف بن تاشفين لتدينه و سداد رأيه و قدراته الإدارية و العسكرية و أوصاه قدام الناس و قاله :

( يايوسف .. إنى قد وليتك هذا الأمر و إنى مسؤول عنه .. فاتق الله فى المسلمين و أعتقنى و أعتق نفسك من النار .. و لا يضيع من أمور رعيتك شيئًاً فإنك مسؤول عنه .. و الله تعالى يصلحك و يمدك و يوفقك للعمل الصالح و العدل في رعيتك و هو خليفتى عليك و عليهم )

الرواية دى أقرب للعقل و المنطق بحكم تدين الإثنين القادة و كمان بسبب حاجة تانية و هى تطليق أبو بكر بن عمر لزوجته زينب بنت إسحاق النفزاوية و تزويجها ليوسف بن تاشفين .. و زينب بنت إسحاق واحدة من أشهر نساء بلاد المغرب .. سيدة مجتمع من الطراز الأول و تم تلقيبها بزوجة الملوك لإنها إتجوزت أربع مرات كلهم من حكام و ملوك المنطقة .. الأول إتجوزت لواحد من حكام مدينة أغمات و دى كانت المركز التجارى الأهم فى وسط المغرب و من أشهر مدن المغرب عامة و بعدها إتجوزت من لقوط المغراوى قائد المغراويين و حاكم أغمات برضه و بعد إنتصار المرابطين عليه إتجوزها أبو بكر بن عمر اللى طلقها طواعية و جوزها لإبن عمه يوسف بن تاشفين و علل ده بإنها مش هتقدر تعيش فى البيئة الصحراوية اللى هو مقبل عليها خاصة إنها هتكون ساحة جهاد مش ساحة إستقرار ..

ـــــ

بالتنازل ده يوسف بن تاشفين تولى الحكم منفرداً لأول مرة و عمره قرب من الستين .. مملكته وقتها كانت بتمتد من مدينة أغمات وسط المغرب مروراً بدولة موريتانيا بالكامل بالإضافة لجزء من دول مالى و السنغال حالياً .. طبعاً الجزء الجنوبى عملياً كان تحت قيادة مباشرة من أبو بكر بن عمر و لكن نظرياً كان يوسف بن تاشفين هو حاكم دولة المرابطين ..

لو سألت أى حد فى زماننا الحالى إن حاكم دولة كبيرة و واسعة زى دى و على مشارف الستين من عمره يقدر يقدم إيه تانى أكتر من اللى قدمه غالباً هيقولك مش هيقدر يقدم أكتر من كده إما بسبب كبر حجم الدولة أو بسبب عامل السن .. الحقيقة يا جماعة يوسف بن تاشفين لسه بيقول يا هادى و ربنا سبحانه و تعالى هيمد فى عمره لحد ما يكمل 100 سنة و هيفضل يجاهد بنفسه و يخرج على رأس الجيوش لحد ما عمره يوصل 97 سنة .. تخيلوا .. شيخ طاعن فى السن عمره 97 سنة و بيخرج بنفسه على رأس الجيوش و بيجاهد بنفسه و ماله لأجل رفعة الدين و توحيد كلمة المسلمين ..

البداية هتكون معارك شمال المغرب ..

بعدها هتوصله رسالة ملوك الطوائف ..

يا أمير المسلمين .. إن لم تغثنا لاندثر الإسلام فى بلاد الأندلس ..
ـــــ