لمحة من خيانات ملوك الطوائف

سنة 464 هجرياً – 1071 ميلادياً كان فى خلاف دامى بين 3 إخوات على حكم مملكتى قشتالة وليون فى شمال الأندلس .. ( سانشو الثانى ) و ( ألفونسو السادس ) و ( جارسيا الثانى ) .. حرب طاحنة ودموية دخل فيها ال 3 إخوات بعد وفاة أبوهم ( فيرديناند الأول ) .. فى النهاية قدر ( سانشو الثانى ) إنه يحسم الحرب ويطرد إخواته الإتنين بره مملكته ..

اللى يخصنا فى القصة دى إن ( ألفونسو ) بعد ما انهزم لجأ ل ( المأمون بن ذى النون ) حاكم طليطلة عشان يعيش عنده وبالفعل الراجل إستقبله عنده ولكن بعد ما أخد عليه عهد إنه لو وصل لحكم مملكة قشتالة فى يوم من الأيام يحفظ حكم طليطلة ليه ولأولاده من بعده ..

عاش ألفونسو فى طليطلة 9 شهور .. 9 شهور يا مؤمن والراجل بيلف فى المملكة بكامل حريته لحد ما حفظ كل شبر فيها وعرف نقاط ضعفها وطبع أهلها وقوة جيشها .. المهم .. فى يوم من الأيام وصل وفد من قشتالة للمأمون وقالوله إن حكم مملكة قشتالة وليون بقى من حق ( ألفونسو ) بعد ما تم إغتيال أخوه ( سانشو الثانى ) وإنهم جايين عشان يبلغوه بالخبر ..

ـــــ

سنة 467 هجرياً – 1074 ميلادياً بيموت المأمون وبيتولى الحكم فى المدينة حفيده ( القادر بن ذى النون ) وده كان عيل فاسد وضعيف الشخصية وبسبب أسلوب إدارته للمملكة طمع فيه ملك مملكة أراجون وطمع فيه جيرانه من بنى هود فى سرقسطة وبدأت الهجمات على مملكته تزيد يوم بعد يوم وهو مش عارف يعمل حاجة فاضطر إنه يلجأ لألفونسو السادس بسبب العلاقات اللى كانت بينه وبين جده المأمون ..

راح ( القادر ) لألفونسو وقعد يعيطله ويطلب مساعدته وكان فاكر إنه هيحفظ جميل جده اللى عمله معاه زمان لكن ألفونسو أجبره على دفع جزية كبيرة وخد منه حصون وقلاع كانت على أطراف مملكته قبل ما يوافق على مساعدته فاضطر الباشا إنه يوافق لإنه مكانش قصاده حل تانى ..

المهم ألفونسو ساعده فى صد هجمات الممالك المحيطة بيه وساعده كمان يرجع على كرسى الحكم بعد ما ثار ضده أهل طليطلة واضطر إنه يهرب منها والحقيقة ألفونسو مكانش بيعمل كده لله .. أولاً هو كان حابب يستنزف المدينة مادياً وثانياً كان عاوز شوية وقت عشان يجهز خطة للإستيلاء على المدينة وأفضل سيناريو لده هو إستمرار حاكم ضعيف ذى ( القادر ) على عرشها ..

ـــــ

جهز ألفونسو جيشه وإبتدى يتنصل من أى معاهدة عملها مع القادر بالتدريج .. إشبيلية كان بيحكمها ( المعتمد بن عباد ) وده راجل ناقص برضه لما شاف اللى بيحصل لطليطلة فكر إزاى يستفيد من الوضع حتى لو على حساب ضياع المدينة من إيد المسلمين .. راح عمل معاهدة مع ألفونسو كتب فيها إنه هيديله اللى هو عاوزه مقابل إن الغزو يقف عند طليطلة وميكملش لإشبيلية ويسيبه هو وذريته على حكم المدينة ..

المعاهدة كانت مخزية جداً والله يا جماعة .. جزية هيدفعها المعتمد وفلوس وهدايا وتحف وجواهر هتتشحن لقشتالة مقدماً وفوق ده إشبيلية متعترضش على غزو ألفونسو لطليطلة ومتحركش لنصرتها عسكرى واحد .. وكل ده مقابل حاجتين .. أولاً عدم غزو إشبيلية .. وثانياً السماح للمعتمد بإجتياح أراضى طليطلة الجنوبية .. يعنى مش بس هتغمض عنيك عن غزو ألفونسو للمدينة .. لأ .. ده انت بكل خسة وندالة هتاخد أراضيها الجنوبية لنفسك .. وكل ده حصل عشان شوية ملوك ضعيفة تفضل على كراسيها لحد ما تموت ..

ـــــ

طب إيه اللى حصل للقادر بن ذى النون بعد سقوط طليطلة ؟

ألفونسو عشان يراضيه وعده إنه يساعده على غزو ( بلنسية ) فتكون بديل ليه عن طليطلة .. بعد فترة قصيرة إتحركت قوات القشتاليين ودخلوا بلنسية وخربوها تماماً ونصبوا القادر حاكم عليها .. وطبعاً ده مكانش ببلاش .. صورة طبق الأصل من اللى فات يا جماعة .. جزية وقلاع وحصون وأبراج تم التنازل عنهم لألفونسو ..

بعد سنة بيحصل حدث تاريخى بيقلب موازين القوى فى الأندلس .. ملوك الطوائف بيطلبوا مساعدة القائد العظيم يوسف بن تاشفين أمير دولة المرابطين وبالفعل الراجل بيستجيب وبيهزم الفونسو فى معركة فاصلة هى معركة الزلاقة .. هزيمة بتضعف موقف القشتاليين وبتجرأ شعب بلنسية على الثورة ضد ( القادر بن ذى النون )

الثوار طلعوا على قصره وقبضوا عليه وقطعوا راسه وعلقوها على عصاية وطافوا بيها شوارع المدينة .. أما جثته فرموها فى أحد المصارف أو المستنقعات لحد ما لقاها واحد من التجار اللى كان معدى بالصدفة فاستخرجها ودفنها من غير كفن ولا صلاة ..

ـــــ

دى صفحة واحدة بس من صفحات سوداء كتير التاريخ سجلها عن ذل وخنوع كتير من حكام المسلمين مش فى الأندلس بس ولكن فى أماكن كتير من الشرق للغرب .. إحنا للأسف تاريخنا مش كله إنجازات وأبطال .. إحنا مرت علينا سنين طويلة كانت مليانة خيانة وضعف وتحالف مع الأعداء على حساب بنى جلدتنا وديننا لو كتبناها هنحتاج مجلدات ..

إن شاء الله أبقى أحكيلكم قصص تانية لو حبيتوا ..

ـــــ