الظاهر بيبرس .. قصة قائد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجزء الثالث :
ـــــــــــــــــــ
بحكم إن السلسلة دى بالعامية وموجزة فأنا ركزت فيها على المواقف اللى ظهر فيها ( بيبرس ) بس .. يعنى مثلاً أنا مذكرتش اللى حصل فى مصر فى الوقت اللى كان فيه بيبرس مشرد فى الشام وإزاى السلطة إتنقلت من عز الدين أيبك لإبنه المنصور ومن بعده سيف الدين قطز ورغم إن التفاصيل كتير والمفروض تاخد وقت بس أنا برضه هديلك نبذة سريعة عشان ميبقاش فى حاجة واقعة منك ..
عز الدين أيبك قتل ( أقطاى ) وشرد بيبرس والمماليك البحرية .. بعد 4 سنين تقريباً ( أيبك ) رجع تانى بص على عدوه الخارجى اللى هو ( الملك الناصر الأيوبى ) حاكم دمشق وحلب وفى الأطار ده خد خطوة تؤدى لحصاره جغرافياً وهى إنه عرض الزواج من بنت حاكم الموصل ( بدر الدين لؤلؤ ) وبكده يبقى الملك الناصر مزنوق بينه وبين حماه .. مين اللى عرف بالخبر ده ؟ .. مراته ( شجر الدر ) .. الغيرة هنا لعبت دور وده خلاها تقرر الإنتقام منه فاتفقت مع بعض المماليك عشان يقتلوه وبالفعل قفلوا عليه الحمام وخنقوه وهو بيستحمى وبعدها إدعت إنه مات موتة طبيعية .. المماليك المعزية مصدقوش كلامها وقبضوا على الخدم وعذبوهم لحد ما اعترفوا بالجريمة فسلموا ( شجر الدر ) لزوجة أيبك الأولى ( أم المنصور ) فأمرت جواريها إنهم يضربوها فضربوها بالقباقيب لحد ما ماتت فرموا جثتها من فوق أسوار القلعة وفضلت زى ما هى لحد ما اتدفنت بعد كام يوم ..
بعد وفاة أيبك إختلف المماليك على خليفته لكن المماليك المعزية تعصبوا لأستاذهم وإختاروا إبنه ( المنصور على ) لتنصيبه كسلطان على مصر .. والمنصور ده كان عيل عمره معداش ال 15 سنة والمشكلة ممكانتش فى عمره بس .. المشكلة إنه مكانش فى دماغه حاجة خالص .. يعنى كان بيحب يربى حمام ويركب حمير فى القلعة ويتفرج على صراع الديوك وحاجات من النوعية دى .. بعد سنتين تقريباً التتار بيدخلوا بغداد وبيقتلوا الخليفة العباسى فبينقلب سيف الدين قطز على المنصور وبيعزله من منصبه وبيسلطن نفسه مكانه بعد ما بيوعد باقى المماليك إنه هيستقيل بعد القضاء على التتار .. فى الوقت ده بيبرس بيقرر إنه يرجع على مصر زى ما قلنا فى نهاية الجزء اللى فات ..
ـــــ
فى أوائل سنة 658 بيبرس بيسيب دمشق ويطلع على غزة ومن هناك بيبعت رسالة إلى قطز بيستأمنه فيها لدخول مصر وبالفعل بيوافق على دخوله .. ومش بس كده .. ده بيديله إقطاع محترم فى قليوب وبيقربه منه ويعينه أتابك للعسكر .. يعنى قائد للجيش .. إنتوا متخيلين ؟ .. من واحد مطرود ومشرد مش عارف يعيش سنة على بعضها فى مكان واحد لثانى رجل فى الدولة وعنده إقطاع يعيشه هو ورجالته أحسن عيشة .. سبحان الله ..
بعد وقت قصير وصلت رسل التتار إلى القاهرة وعرضت على قطز شروط التسليم فخد قطز الرسالة وتشاور مع رجالته وهنا إختلف المماليك .. جزء مال للإستسلام مع تحقيق شروط تضمن سلامتهم وإمتيازاتهم وجزء تانى قال نحارب .. مين اللى تزعم خيار الحرب .. بيبرس طبعاً .. ومش بس كده .. ده رأيه هو اللى إتنفذ .. ومكتفاش بكده .. ده أشرف بنفسه على تسليح الجيش وبقى يعدى على معسكرات الجنود عشان يرفع درجة حماسهم ويدعوهم للإستبسال فى مواجهة التتار .. يا ريت مننساش إن بيبرس كان عنده تار شخصى مع التتار لإنهم هما اللى غزوا موطنه الأصلى وتسببوا فى هجرة أهله وده أدى بعد كده لإستعباده وبيعه كمملوك ..
ـــــ
فى شعبان سنة 658 هجرياً – 1260 ميلادياً إتحرك الجيش المملوكى من القاهرة وعدى على الريدانية ( قرب العباسية حالياً ) وهناك أمر قطز بقتل رسل المغول وبعدها كملوا على الصالحية ( قرب الشرقية حالياً ) وهناك أمر قطز طليعة الجيش بالتقدم وإستكشاف الأوضاع وحط بيبرس على قيادتها .. بيبرس إتحرك بالقوة دى وكمل على غزة وهناك لقى حامية تترية إشتبك معاها وهزمها بسهولة .. بعدها توغل فى أرض فلسطين لحد ما وصل لعين جالوت فى شمال شرق فلسطين ( بين بيسان ونابلس ) وهناك إنتظر لحد ما وصل قطز وعسكروا فى المكان ده ..
يوم 24 رمضان وصل لمعسكر المسلمين واحد من أهل الشام عرف نفسه بإنه رسول ( صارم الدين أيبك ) وده راجل مسلم تم أسره وقت دخول التتار للشام وحفاظاً على حياته قبل إنه يحارب معاهم .. المهم .. الراجل ده طلب مقابلة قطز وإداله معلومات قيمة جداً عن جيش التتار زى إن الجيش الحالى أقل بكتير من الجيش اللى إحتل الشام وده لإن هولاكو رجع بأغلب جيشه لتبريز عشان يحضر مراسم إختيار الحاكم الأعظم الجديد وكانت عادة المغول إختيار حاكمهم الأعظم بالإنتخاب بين ذرية جنكيز خان فى مؤتمر إسمه ( القوريلتاى ) .. قاله كمان إن ميمنة المغول هى أقوى خطوطه وفيها ( كتبغا ) قائد الجيش وقاله إن ( صارم الدين ) هيكون برفقة ( الأشرف الأيوبى ) أمير حمص ضمن جيش التتار وهينسحبوا إدامهم فى المعركة .. شوية معلومات زى الفل كانت مفتاح من مفاتيح النصر على التتار ..
فى الليلة دى رسم قطز وبيبرس خطتهم اللى إتركزت على سحب جيش التتار بالكامل لسهل عين جالوت .. ليه بقى ؟ .. لإن السهل ده كان محاط من كل جوانبه بتلال عالية كثيفة الأشجار ما عدا الجانب الشمالى منه اللى كان يعتبر المدخل والمخرج للسهل .. طيب نعمل إيه دلوقت .. إحنا هنوقف على المدخل الشمالى فرقة فيها أشجع وأقوى فرسان المماليك عشان تغرى التتار إنهم يدخلوا للسهل وبقية الجيش يستخبى فى الأشجار المحيطة بالسهل ولما يدخل التتار تنزل الجنود المسلمين ويقفلوا المدخل الشمالى ويحاصروهم .. طب الخطة دى قايمة على إيه ؟ .. قايمة على فعالية الطعم اللى هيقدمه قطز ليهم .. الفرقة الإنتحارية الإسلامية اللى هتقابلهم فى الأول .. طيب مين اللى هيبقى فى قيادة الفرقة دى ؟
هو مفيش غيره ..
بيبرس البندقدارى ..
ـــــ
تخيل معايا الوضع .. جيش التتار لما عمل إستطلاعاته ملقاش غير كتيبة مملوكية فيها حوالى 2000 مملوك واقفين فى مدخل السهل ومش راضيين يتحركوا منه فيبص عليهم كتبغا ويستقل بيهم .. بقى هو ده جيش المسلمين .. دوروا تانى .. يدوروا يمين وشمال مش لاقيين .. بعد تفكير ومشاورة يقتنع إن ده هو جيش المسلمين الوحيد فيقرر إنه يهجم عليهم بكامل قوته لتحقيق نصر سريع .. دلوقت بيبرس وكتيبته قدامهم إختبار صعب وهو إنهم لازم يصمدوا لفترة قدام الهجوم ده قبل إنسحابهم لداخل السهل .. لو تراجعوا مباشرة مع أول إلتحام مع التتار كتبغا هيشك فيهم وهينسحب بجيشه وده اللى قطز مكانش عاوزه .. الحل إن بيبرس ورجالته تتحمل هجوم قرابة 20 ألف تترى فى نفس الوقت ..
اللى حصل إن فرقة بيبرس قدرت فعلاً تصد الهجوم وكل ما كانت تستبسل كل ما كتبغا كان بيزيد من ضغطه عليهم لحد ما جت الإشارة من قطز بالإنسحاب وعندها تراجع بيبرس لحد ما دخل جيش التتار بالكامل ومعاها ظهر المماليك من الكماين وحاوطوا جيش التتار وفضل قطز على تل من التلال يراقب المعركة من فوق .. الخدعة لما وضحت للتتار خلتهم يتشددوا أكتر فى القتال وبالفعل كلام صارم الدين أيبك طلع صحيح .. ميمنة التتار كانت مرعبة .. وميسرة المسلمين كانت هتتكسر قدامهم لولا إن قطز بعتلهم التعزيزات بإستمرار .. مرة وإتنين وتلاتة ورغم كده كانت برضه هتتكسر وهنا مكانش قدام قطز غير إنه ينزل بنفسه لأرض المعركة فنزل وهو بينادى بأعلى صوته :
( وا إسلاماه .. وا إسلاماه )
الصيحة دى مع وجود قطز بنفسه ألهب الحماس وخلى اللى كان بيفكر فى التراجع يتكسف ويحارب للنهاية لحد ما قدروا فعلاً إنهم يصدوا الهجوم .. أما عن هدف التتار من التركيز على ميسرة المسلمين فده لإنهم كانوا عاوزين يكسروا حصارهم وبالتالى هما اللى يلفوا حوالين جيش المماليك ويخسروهم الميزة النوعية اللى فى إيدهم .. طب لو مقدروش يبقى إيه البديل ؟ .. ساعتها مش هيبقى فى حل غير إنهم يتراجعوا ويكسروا الحصار من الخلف ويفتحوا لنفسهم طريق للخروج من السهل .. وده اللى حصل فعلاً .. بعد فشلهم فى كسر ميمنة المسلمين تراجعوا وصبوا كل قوتهم لتحرير نفسهم لحد ما قدروا فعلاً فى إنهم يفتحوا فتحة هرب منها كتير من جنودهم وتم إعلان إنتصار المماليك بمعركة عين جالوت ..
بعد إنتهاء المعركة هرب التتار على بيسان فخرج وراهم بيبرس وكتيبته وهناك حصلت مواجهة تانية بينهم قدر المماليك إنهم يحسموها وبخساير بشرية أكبر بكتير من اللى خسرها التتار فى عين جالوت .. بعدها طلع قطز على دمشق وحررها من الحامية التترية اللى فيها وبعت بيبرس ورجالته عشان يحرروا حمص وحلب .. ومش بس كده .. بيبرس مكتفاش بكده ولكن تتبع كل فلول التتار فى الشام وأجبرهم على عبور نهر الفرات وبكده يكون الشام كله إتحرر من قبضة المغول ..
ـــــ
فى المرحلة دى سمعة قطز وصلت لعنان السماء والدولة المملوكية لأول مرة بجد بتنال الشرعية لحكم مصر والشام بدون منازع .. بالأحرى هى كانت أكبر قوة إسلامية على الساحة وقتها .. الخليفة إتقتل والأيوبيين إنكسرت شوكتهم بخسارة الشام فمكانش فى حد أساساً يقدر يعترض على توليهم السلطة .. فى المرحلة دى بدأت بوادر الخلاف بين المماليك تظهر من جديد .. الخلافات والأحقاد القديمة ظهرت تانى على السطح بين البحرية والمعزية ..
الروايات إختلفت .. رواية بتقول إن بيبرس طلب ولاية حلب من قطز لكن قطز رفض طلبه وده لإن حلب كانت من أكبر أقاليم الشام وقطز خاف إن بيبرس يستقل بيها بعد كده خاصة إنها بعيد عن مصر وده ولد الحقد فى نفس بيبرس خاصة بعد اللى عمله فى المنصورة زمان وفى غزة وعين جالوت والشام دلوقت .. رواية تانية بتقول إن المماليك البحرية عمرهم ما نسيوا اللى المعزية عملوه فيهم وإن بيبرس فضل شايل لقطز مشاركته فى قتل أستاذه ( أقطاى ) وإنهم رجعوا مصر عشان يتحينوا الفرصة للإنقضاض على الحكم مرة تانية ..
بقول كل ده ليه ؟
لإن بيبرس هيقتل قطز ..
ـــــ
